للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَيْضَةٌ لأنَّها ليستْ زوجةً ولا مطلَّقةً فليسَ إلَّا استبراءُ رَحِمِها وذلكَ بحيضةٍ تشبيهًا بالأَمَةِ يموتُ عنْها سيِّدُها، وذلكَ مما لا خلافَ فيهِ. وقالَ مالكٌ (١): فإنْ كانتْ ممنْ لا تحيضُ اعتدَّتْ بثلاثةِ أشهرٍ ولها السُّكْنَى. وقالَ أبو حنيفةَ (٢): عِدَّتُها ثلاثُ حِيِضٍ، وهوَ قولُ عليٍّ (٣) وابنِ مسعودٍ (٤)، وذلكَ لأنَّ العِدَّةَ إنَّما وجبتْ عليْها وهيَ حُرَّةٌ وليستْ بزوجةٍ فتعتدَّ عِدَّةَ الوفاةِ، ولا أمة فتعتدُّ عِدَّةَ الأَمَةِ، فوجبَ أنْ يُسْتَبْرَأَ رحمُها بِعِدَّةِ الحرائرِ. قُلْنَا: إذا كانَ المرادُ الاستبراءُ كَفَتْ حيضةٌ إذْ بها يتحققُ [براءة الرحم] (٥)، وقالَ قومٌ: عِدَّتُها نِصْفُ عِدَّةِ الحُرَّةِ تشبيها بالأمَةِ المزوَّجةِ عندَ مَنْ يَرَى ذلكَ، وسيأتي. وقالتِ الهادويةُ: عِدَّتُها حيضتانِ تشبيهًا بعدةِ البائعِ والمشتري فإنَّهم [أوجبوا] (٦) على البائعِ الاستبراءَ بحيضةِ وعلى المشتري كذلكَ والجامعُ زوالُ الملْكِ. قالَ في "نهاية المجتهد" (٧): "سببُ الخلافِ أنَّها مسكوتٌ عنْها - أيْ في الكتابِ والسُّنَّةِ - وهيَ متردِّدَةُ الشَّبَهِ بينَ الأمَةِ والحرَّةِ، فأمَّا مَنْ شَبَّهَهَا بالزَّوْجَةِ الأمَةِ فضعيفٌ، وأضعفُ منهُ مَنْ شَبَّهَهَا بِعِدَّةِ الحرَّةِ المطلَّقةِ"، انتَهى.

قدتُ: وقدْ عرفتَ ما في حديثٍ عمرِو منَ المقالِ فالأقربُ قولُ أحمدُ والشافعيِّ أنَّها تعتدُّ بحيضةٍ، وهوَ قولُ ابن عمرَ وعروةَ بن الزبيرِ والقاسمِ بن محمدِ والشعبيّ والزُّهريِّ، لأنَّ الأَصْلَ البراءةُ [عن] (٨) الحكمِ وعدمُ حَبْسِها عن الأزواجِ، واستبراءُ الرَّحِمِ يحصلُ بحيضةٍ.

القَرء الطهر والدليل عليه

١١/ ١٠٤٩ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: إِنَّمَا الأَقْرَاءُ الأَطْهَارُ. أَخْرَجَهُ مَالِكٌ في قِصَّةٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ (٩). [إسناده صحيح]


(١) ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار" (١٨/ ١٨٨ رقم ٢٧٤٤٧).
(٢) ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار" (١٨/ ١٨٩ رقم ٢٧٤٥٧).
(٣) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٤٤٨).
(٤) ذكر ذلك ابن عبد البر في "الاستذكار" (١٨/ ١٩٠ رقم ٢٧٤٥٨).
(٥) زيادة من (أ).
(٦) في (ب): "يوجبون".
(٧) أي "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" لابن رشد الحفيد (٣/ ١٨٢) بتحقيقنا.
(٨) في (ب): "من".
(٩) في "الموطأ" (٢/ ٥٧٦ - ٥٧٧) بسند صحيح.