للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ساعدةَ ووجهتُ إلى رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وهوَ في بني عمروِ بن عوفٍ فأخبرتُه الحديثَ. قالَ ابنُ أبي عونٍ: وكانَ ذلكَ في ربيعٍ الأولِ سنةَ سبعٍ، ثمَّ أخرجَ ذلكَ منْ طريقيْنِ (١). وفي تمامِ القصةِ قيلَ لها: استعيذي منهُ فإنهُ أحْظَى لكِ عندَه وخدعتْ، لما رُئِيَ منْ جمالِها، وذُكِرَ لرسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ حملَها على ما قالتْ فقال: إنهنَّ صواحبُ يوسفَ وكيدُّهنَّ. والحديثُ دليلٌ على أن قولَ الرجلِ لامرأتهِ الحقي بأهلكِ طلاقٌ؛ لأنهُ لم يرد أنهُ زادَ غيرَ ذلكَ فيكونُ كنايةَ طلاقٍ إذا أُريدَ بهِ الطلاقُ كانَ طلاقًا. قالَ البيهقيُّ (٢): زادَ ابنُ أبي ذئبِ عن الزهريِّ: الحقي بأهلكِ جعلَها تطليقةً، ويدلُّ على أنهُ كنايةُ طلاقٍ أنهُ قدْ جاءَ في قصةِ كعبِ بن مالكٍ (٣): أنهُ لما قيلَ لهُ اعتزلِ امرأتَكَ قالَ: الحقي بأهلكِ فكوني عندَهم فكوني عندهم (٤) ولم يُردِ الطلاقَ فلمْ تُطَلَّقْ وإلى هذا ذهبَ الفقهاءُ الأربعةُ وغيرُهم.

وقالتِ الظاهريةُ: لا يقعُ الطلاقُ بالحقي بأهلكِ، قالُوا: والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكنْ قدْ عقدَ بابنةِ الجونِ، وإنَّما أرسلَ إليها لِيَخْطِبَها إذِ الرواياتُ قدِ اختلفتْ في قِصَّتِها، ويدلُّ على أنهُ لم يكنْ عقدَ بها ما في صحيحِ البخاريِّ (٥) أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: هبي لي نفسَك، قالتْ: وهلْ تهبُ الملكةُ نفسَها للسُّوقةِ، فأهوى ليضعَ يدَه عليها لتسكنَ فقالتْ: أعوذُ باللَّهِ منكَ، قالُوا: فطلبُ الهبةِ دالٌ على أنهُ لم يكنْ عقدَ بها ويبعدُ ما قالُوه قولُه: ليضعَ يدَه، وروايةُ: فلمَّا دخلَ عليها، فإن ذلكَ إنَّما يكونُ معَ الزوجةِ.

وأما قولُه: "هبي لي نفسَكِ" فإنهُ [قالهُ تطييبًا] (٦) لخاطرِها واستمالةً لقلبِها، ويؤيدُه ما سلفَ منْ روايةٍ أنَّها رغبت فيكَ. وقدْ رُوِيَ اتفاقُه معَ أبيها على مقدارِ صَدَاقِها، وهذهِ وإنْ لم تكنْ صرائحَ في العقدِ بها إلَّا أنهُ أقربُ الاحتماليْنِ.

[لا طلاق إلا بعد النكاح]

١٢/ ١٠١٨ - وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا طَلاقَ إِلَّا


(١) في "الطبقات" (٨/ ١٤٤ - ١٤٥).
(٢) في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٤٢).
(٣) أخرجه البخاري رقم (٤٤١٨)، ومسلم رقم (٢٧٦٩).
(٤) كذا في المخطوط (أ) و (ب) مكررة.
(٥) رقم (٥٢٥٥).
(٦) في (ب): "قاله تطيبًا".