للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حرقُ النَّارِ"، ولمَا يخاف منَ التضمينِ والدَّينِ. وقالَ قومٌ: بلِ الالتقاطُ واجبٌ، وتأوَّلُوا الحديثَ [أنه] (١) فيمنْ أرادَ أَخْذَها للانتفاعِ بِها منْ أوَّلِ الأمرِ، قبلَ تعريفِه بها، هذا وقدِ اشتملَ الحديثُ على ثلاثِ مسائلَ:

الأولَى: في حُكْمِ اللُّقَطَةِ، وهيَ الضائعةُ التي ليستْ بحيوانٍ فإنَّ ذلكَ يقالُ لهُ ضالةٌ، فقدْ أمرَ - صلى الله عليه وسلم - الملتقطَ يعرِّفَ وِعاءَها، وما تُشَدُّ بهِ. وظاهرُ الأمرِ وجوبُ التَّعَرُّفِ لما ذُكِرَ ووجوبُ التعريفِ، ويزيدُ الأخيرُ عليهِ دلالةً قولُه:

[تعريف اللقطة]

٣/ ٨٨٩ - وَعَنْهُ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ آوَى ضَالَّةَ فَهُوَ ضَالٌّ، مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٢). [صحيح]

(وعنهُ) أي زيدِ بن خالدٍ (قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: منْ آوَى ضالةً فهوَ ضالٌ ما لم يعرِّفْها. رواهُ مسلمٌ)، فَوَصَفَه [بالضال] (٣) إذا لم يعرِّفْ بها. وقدِ اختُلِفَ في فائدةِ معرفتِها، فقيلَ: لِتُرَدَّ للواصفِ لها [فإنه] (٤) يقبلُ قولَهُ بعدَ إخبارِه بصفَتِها، ويجبُ ردُّها إليهِ كما دلَّ لهُ ما هُنَا، وما في رواية البخاريِّ (٥): "فإنْ جاءَ أحدٌ يخبرُكَ بِها"، وفي لفظٍ (٦): "بِعَدَدِها، ووعائِها، ووكائِها فأَعْطِها إياهُ"، وإلى هذا ذهبَ أحمدَ (٧)، ومالكٌ (٨). واشترطَتِ المالكيةُ (٩) زيادةَ صفةِ الدنانيرِ والعددِ.


=وللحديث شاهد من حديث عصمة مرفوعًا به وزاد: "ثلاث مرات"، رواه الطبراني في "الكبير" وفيه أحمد بن راشد وهو ضعيف كذا في "مجمع الزوائد" (٤/ ١٦٧).
انظر: "الصحيحة" للمحدث الألباني (٢/ ١٨٥ - ١٨٧ رقم ٦٢٠).
(١) في (ب): "بأنه".
(٢) في "صحيحه" (٣/ ١٣٥١ رقم ١٢/ ١٧٢٥).
وأخرجه الحاكم (٢/ ٦٤) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي، وقد أخرجه مسلم كما ترى، وأخرجه أيضًا الطحاوي (٤/ ١٣٤)، والبيهقي (٦/ ١٩١).
(٣) في (ب): "بالضلال".
(٤) في (ب): "أو أنه".
(٥) في "صحيحه" (٥/ ٨٠ رقم ٢٤٢٧) من حديث زيد بن خالد الجهني مرفوعًا، وتقدّم تخريجه في الحديث السابق.
(٦) في "صحيح مسلم" (٧/ ١٧٢٢) وغيره.
(٧) انظر: "المغني" (٦/ ٣٦٣ - ٣٦٤).
(٨) انظر: "بداية المجتهد" (٤/ ١١٨) بتحقيقنا.
(٩) انظر أيضًا: "بداية المجتهد" (٤/ ١١٩).