للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المكانِ الذي بدأَ منهُ)، إلَّا أنَّهُ أوردَ على هذه الصفةِ أنه أدبرَ بهمَا وأقبلَ؛ لأنَّ ذهابهُ إلى جهةِ القفا إدبارٌ، ورجوعَه إلى جهة الوجهِ إقبالٌ. وأجيبَ بأنَّ الواوَ لا تقتضي الترتيبَ، فالتقديرُ أدبرَ وأقبلَ.

والثاني: أنْ يبدأ بمؤَخَّرِ رأسِهِ، ويمرَّ إلى جهةِ الوجهِ، ثمَّ يرجعُ إلى المؤَخَّرِ، محافظةً على ظاهرِ لفظِ: (أقبلَ وأدبرَ)؛ فالإقبالُ إلى مُقَدَّمِ الوجهِ، والإدبارُ إلى ناحيةِ المؤَخَّرِ، وقدْ وردتْ هذهِ الصفةُ في الحديثِ الصحيحِ: (بدأ بمؤَخَّرِ رأسِهِ)، ويحتملُ الاختلافُ في لفظِ الأحاديثِ على تعددِ الحالات.

والثالثُ: أن يبدأَ بالناصيةِ، ويذهبَ إلى ناحيةِ الوجهِ، ثمَّ يذهبُ إلى جهةِ مؤَخَّرِ الرأسِ، ثمَّ يعودُ إلى ما بدأَ منهُ وهو الناصيةُ، ولعلَّ قائلَ هذا قصدَ المحافظَةَ على قولهِ: (بدأَ بمقدَّمِ رأسهِ) معَ المحافظةِ على ظاهرِ لفظِ: (أقبلَ وأدبرَ)؛ لأنهُ إذا بدأ بالناصيةِ صدقَ أنهُ بدأ بمقدَّمِ رأسهِ، وصدقَ أنهُ أقبلَ أيضًا، فإنهُ ذهبَ إلى ناحية الوجهِ، وهوَ الْقَبْلُ. وقد أخرجَ أبو داودَ (١) منْ حديثِ المقدام: (أنهُ - صلى الله عليه وسلم - لما بلغَ مَسْح رأسهِ وضعَ كفيهِ على مقدَّمِ رأسهِ، فأمرَّهُما حتى بلغَ القفَا، ثمَّ رَدَّهُما إلى المكانِ الذي بدأَ منهُ)، وهيَ عبارةٌ واضحةٌ في المرادِ. والظاهرُ أن هذا منَ العملِ المخيَّرِ فيهِ، وأنَّ المقصودَ مِنْ ذلكَ تعميمُ الرأسِ بالمسحِ.

[مسح الأذنين]

٥/ ٣٣ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنْ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - في صِفَةِ الْوُضُوءِ - قَالَ: (ثُمَّ مسَحَ بِرَأسِهِ، وَأَدْخَلَ إصْبَعَيْهِ السَّبَّاحَتَيْنِ فِي أُذُنَيْهِ، وَمَسَحَ بِإِبْهَامَيْهِ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ). [إسناد حسن]

أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (٢)، وَالنَّسَائِيُّ (٣)، وَصَحّحَهُ ابْنُ خُزْيَمَةَ.


(١) في (السنن) (١/ ٨٨) رقم (١٢٢)، وهو حديث صحيح.
(٢) في (السنن) (١/ ٩٤) رقم (١٣٥).
(٣) في (السنن) (١/ ٨٨) رقم (١٤٥) مختصرًا
قلت: وكذلك أخرجه ابن ماجه (١/ ١٤٦) رقم (٤٢٢) مختصرًا، وإسناده عندهم جميعًا حسن.