للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يصلُحُ إِلَّا هكَذَا أوْ هَكَذَا يعني: أُصبعينِ أو [ثلاثًا، أو أربعًا] (١)، ومَنْ قالَ: المرادُ أنْ يكونَ في كل كمِّ أصبعانٍ فإنهُ يردُّهُ روايةُ النسائيِّ (٢): "لم يرخصْ في الديباجِ إلَّا في موضعِ أربعِ أصابعَ"، وهذا [أي] (٣) الترخيصُ في الأربعِ الأصابعِ مذهبُ الجمهورِ، وعن مالكٍ في روايةٍ منَعُهُ وسواءٌ كانَ منسوجًا أو ملصقًا، ويقاسُ عليهِ الجلوسُ، وقدَّرتِ الهادويةُ الرخصةَ بثلاثِ أصابعَ، ولكنَّ هذا الحديثَ نصَّ في الأربعِ.

لبسُ الحرير لعذر

٤/ ٤٩٣ - وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ فِي قَمِيصِ الْحَرِيرِ، فِي سَفَرٍ، مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٤). [صحيح]

(وعن أنسٍ - رضي الله عنه - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رخَّصَ لعبدِ الرحمنِ بن عوفِ والزبيرِ في قميصِ الحريرِ في سفرِ من حكةٍ) بكسرِ الحاءِ المهملةِ، وتشديدِ الكافِ، نوعٌ منَ الجربِ، وذكرَ الحكّةَ مثلًا لا قيدًا، أي: مِنْ أجلِ حكّةٍ، فمِنْ للتعليلِ، (كانتْ بهما. متفقٌ عليهِ)، وفي رواية (٥) أنَّهما "شكَوْا إلى رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - القملَ، فرخَّصَ لهما في قميصِ الحريرِ في غزاةٍ لهما".

قالَ المصنفُ في الفتحِ (٦): يمكنُ الجمعُ بأنَّ الحكّةَ حصلتْ من القملِ، فنسبتِ العلةُ تارةً إلى السببِ، وتارةً إلى سببِ السببِ. وقد اختلفَ العلماءُ في جوازِهِ للحكّةِ وغيرِها. فقالَ الطبريُّ: دلّتِ الرخصةُ في لبسهِ للحكّةِ على أن مَنْ قصدَ بلبسهِ دفعَ ما هو أعظمُ مِنْ أذَى الحكةِ، كدفعِ السلاحِ ونحوِ ذلكَ، فإنهُ يجوزُ، والقائلونَ بالجوازِ لا يخصُّونَهُ بالسفرِ، وقالَ البعضُ منَ الشافعيةِ: يختصُّ بهِ، وقالَ القرطبي: الحديثُ حجةٌ على مَنْ منع إلَّا أنْ يدَّعيَ الخصوصيةَ بالزبيرِ،


(١) في (أ): "ثلاث أو أربع"، وفي "المصنف": "ثلاثة أو أربعة".
(٢) في "السنن" (٨/ ٢٠٢).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) البخاري (٥٨٣٩)، ومسلم (٢٥/ ٢٠٧٦). قلت: وأخرجه أبو داود (٤٠٥٦)، والترمذي (١٧٢٢)، وابن ماجه (٣٥٩٢)، والنسائي (٨/ ٢٠٢).
(٥) البخاري (٢٩٢٠).
(٦) (٦/ ١٠١).