للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهذه الأمكنةُ بينَ كلِّ واحدٍ منها وبينَ مكةَ أربعةُ بردٍ فما فوقَها. والأقوالُ متعارضةٌ كما سمعتَ، والأدلةُ [متقاومة] (١)، قالَ في "زاد المعادِ" (٢): "ولم يحدِّدْ - صلى الله عليه وسلم - لأمتِهِ مسافةً محدودةً للقصرِ والفطرِ، بل أطلقَ لهم ذلكَ في مُطلقِ السفرِ والضربِ في الأرضِ، كما أطلقَ لهم التيمّمَ في كل سفرٍ، وأمّا ما يُرْوَى عنهُ منَ التحديدِ باليومِ واليومينِ والثلاثةِ، فلم يصحَّ عنهُ فيها شيءٌ البتةُ، واللَّهُ أعلمُ"، وجوازُ القصرِ والجمعِ في طويلِ السفرِ وقصيرهِ مذهبُ كثيرٍ منَ السلفِ.

كم يقيم المسافر حتى يقصرُ الصلاة

٥/ ٤٠٣ - وَعَنْهُ - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ المَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٣). وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ. [صحيح]

(وعنهُ) أي: عن أنسٍ (قالَ: خرجْنَا معَ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - منَ المدينةِ إلى مكةَ وكانَ يصلِّي) أي: الرباعيةَ (ركعتينِ ركعتينِ) أي: كلَّ رباعيةٍ ركعتينِ (حتَّى رجعنا إلى المدينةِ. متفقٌ عليهِ واللفظُ للبخاريِّ).

يحتملُ أن هذَا كانَ في سفرهِ في عامِ الفتحِ، ويحتملُ أنهُ في حَجَّة الوداعِ، إلَّا أن فيهِ عندَ أبي داودَ زيادةً: "أنَّهم قالُوا لأنسٍ: هل أقمتمْ بها شيئًا؟ قالَ: أقمْنا بها عَشرًا"، ويأتي أنَّهم أقامُوا في الفتحِ زيادةً على [خمسةَ عشرَ يومًا أو] (٤) خمسَ عشرةَ، وقد صرحَ في حديثِ أبي داودَ أن هذا - أي: خمسَ عشرةَ ونحوَها - كانَ [في] (٥) عامِ الفتحِ.

وفيهِ دلالةٌ على أنهُ لم يتمَّ مع إقامتهِ في مكةَ وهوَ كذلكَ كما يدلُّ عليهِ الحديثُ الآتي. وفيهِ دليل على أن نفسَ الخروجِ منَ البلدِ بنيَّةِ السفرِ يقتضي


(١) في (أ): "متفاوتة".
(٢) (١/ ٤٨١).
(٣) البخاري (١٠٨١)، ومسلم (١٥/ ٦٩٣).
قلت: وأخرجه أبو داود (١٢٣٣)، والترمذي (٥٤٨)، والنسائي (٣/ ١٢١ رقم ١٤٥٢).
(٤) زيادة من (ب).
(٥) زيادة من (أ).