للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عدمتُ بنيتي إنْ لم تروها … تثيرُ النقعَ مطلعُها كداءُ (١)

فتبسَّمَ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: [ادخلُوها] (٢) منْ حيثُ قالَ حسانُ. واختُلِفَ في استحبابِ الدخولِ منْ حيثُ دخلَ - صلى الله عليه وسلم -، والخروجِ منْ حيثُ خرجَ، فقيلَ: يستحبُّ وأنهُ يعدلُ إليهِ منْ لمْ يكنْ طريقُه عليهِ. وقالَ البعضُ: إنَّما فعلَهُ - صلى الله عليه وسلم - لأنهُ كانَ على طريقهِ فلا يستحبُّ لمنْ لم يكنْ كذلكَ (٣). قالَ ابنُ تيميةَ - رحمه الله -: يشبهُ أنْ يكونَ ذلكَ - واللَّهُ أعلمُ - أن الثنيةَ العليا التي تشرفُ على الأبطحِ والمقابرِ إذا دَخَلَ منْها الإنسانُ فإنهُ يأتي منْ وجهةِ البلدِ والكعبةِ، ويستقبلُها استقبالًا منْ غيرِ انحرافٍ بِخِلافِ الذي يدخلُ منَ الناحيةِ السفلَى؛ [فإنه يدخل من دبر البلد والكعبة، وإنما خرج من الثنية] (٤)، لأنهُ يستدبرُ البلدَ والكعبةَ، [فاستحبَّ] (٥) أن يكونَ ما يليهِ منْها مؤخرًا لئلا يستدبرَ وجْهَهَا.

[الاغتسال لدخول مكة]

٥/ ٦٩٩ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أنَّهُ كَانَ لَا يَقْدُمُ مَكَّةَ إلَّا بَاتَ بِذِي طُوَى حَتى يُصْبحَ وَيَغْتَسِلَ، وَيَذْكُرُ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٦). [صحيح]

(وعنِ ابن عمرَ - رضي الله عنهما - أنهُ كانَ لا يقدمُ مكةَ إلَّا باتَ) ليلة قدومِه (بذي طُوىً). في القاموسِ مثلثةُ الطاءِ، وينونُ، موضعٌ قريبٌ منْ مكةَ، (حتَّى يصبحَ ويغتسلَ، ويُذْكَرُ ذلكَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -) أي: أنهُ فعلهُ (متفقٌ عليهِ). فيه استجابُ ذلكَ، وأنهُ


(١) وفي شرح ديوان حسان" (ص ٥٧).
"عَدِمْنا خَيْلَنَا إنْ لم تَرَوْهَا … تُثيرُ النَّقْعَ موعِدُها كَدَاءُ"
• النقع: الغبار.
• عدمنا خيلنا: هو كقولك لا حملتني رجلي إن لم تسر إليك، ولا نفعني مالي إن لم أنفقه عليك. وهو من البديع أن يلف المتكلم على شيء بما يكون فيه فخر له وتعظيم لشأنه، أو تنويه بغيره وتعظيم له، أو دعاء على نفسه أو هجاء لغيره.
(٢) في النسخة (أ): "اخطوها".
(٣) في النسخة (ب): هنا "و".
(٤) زيادة من النسخة (أ).
(٥) في النسخة (أ): "واستحب".
(٦) البخاري (١٥٧٣)، ومسلم (٢٢٧/ ١٢٥٩).
قلت: وأخرجه أبو داود (١٨٦٥)، والنسائي (٥/ ١٩٩)، ومالك (١/ ٣٢٤ رقم ٦).