للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أوترَ آخرَ الليلِ، وأجابَ مَنْ لم يقلْ بذلك بأنَّ الركعتينِ المذكورتينِ هما ركعتا الفجرِ، وحملَهُ النوويُّ (١) على أنهُ - صلى الله عليه وسلم - فعلَ ذلكَ لبيانِ جوازِ النفل بعدَ الوترِ، وجوازِ التنفلِ جالسًا. وأمَّا (الثاني): فذهبَ الأكثرُ إلى أنهُ يصلِّي شَفْعًا ما أرادَ ولا ينقضُ وترَهُ الأولَ عملًا بالحديثِ:

٢٦/ ٣٥٨ - وَعَنْ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا وِتْرَانِ فِي لَيلَةٍ"، رَوَاهُ أَحْمَدُ (٢)، وَالثَّلَاثَةُ (٣)، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ (٤). [صحيح]

وهو (وَعَنِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ - رضي الله عنه -: سمعت رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: لا وتران في ليلةٍ. رواهُ أحمدُ والثلاثة، وصحَّحهُ ابن حبانَ)؛ فدلَّ على أنهُ لا يوترُ بلْ يصلِّي شفعًا ما شاءَ، وهذا نظر إلى ظاهرِ فعلهِ، وإلَّا فانَّهُ لما شفعَ وترَه الأولَ لم يبقَ إلَّا وترٌ واحدٌ هوَ ما يفعلُه آخرًا، وقد رُوِيَ عن ابن عمرَ أنهُ قالَ لما سئلَ عن ذلكَ: "إذا كنتَ لا تخافُ الصبحَ ولا النومَ فاشفعْ، ثمَّ صلِّ ما بدا لك، ثمَّ أوترْ" (٥).

[ما يقرأ في الوتر]

٢٧/ ٣٥٩ - وَعَنْ أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوتِرُ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ (٦)،


(١) في "شرحه لصحيح مسلم" (٦/ ٢١).
(٢) في "المسند" (٤/ ٢٣).
(٣) وهم: أبو داود (١٤٣٩)، الترمذي (٢/ ٣٣٣ رقم ٤٧٠)، والنسائي (٣/ ٢٢٩ - ٢٣٠ رقم ١٦٧٩)، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
(٤) في "الإحسان" (٤/ ٧٤ - ٧٥ رقم ٢٤٤٠) وهو حديث صحيح. صحَّحه الشيخ أحمد شاكر، والشيخ عبد القادر الأرنؤوط في "جامع الأصول" (٦/ ٦٢).
(٥) أخرجه محمد بن نصر من طريق: سعيد بن الحارث، أنه سأل ابن عمر عن ذلك فقال: الأثر … كما في "فتح الباري" (٢/ ٤٨١).
وأخرج مالك في "الموطأ" (١/ ١٢٥) بإسناد صحيح عن نافع (مولى ابن عمر) رضي الله عنهم، قال: "كنتُ مع عبد الله بن عمر بمكةَ والسماءُ مُغِيمَةٌ، فخشيَ عبد الله الصبحَ، فأوترَ بواحدةٍ، ثم انكشفَ الغيمُ، فرأى أن عليه ليلًا، فَشَفَعَ بواحدةٍ، ثم صلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فلما خشيَ الصبحَ أوترَ بواحدةٍ".
(٦) في "المسند" (٥/ ١٢٣).