للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذهبَ الجمهورُ (١) إلى أنَّها لا تجبُ التسويةُ بلْ تُنْدَبُ، وأطالُوا في الاعتذارِ عن الحديثِ، وذكرَ في الشرحِ عَشْرَةَ أعذارٍ وكلُّها غيرُ ناهضةٍ، وقدْ كَتَبْنَا في ذلكَ رسالةً جوابَ سؤالٍ وأوضحْنا فيها قوةَ القولِ بوجوب التسويةِ، وأنَّ الهِبَةَ معَ عدمِها باطلةٌ.

[الرجوع عن الهبة]

٢/ ٨٧٧ - وَعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "الْعَائِدُ في هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يُعُودُ فِي قَيئِهِ"، مُتَّفَق عَلَيْهِ (٢). [صحيح]

وَفي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ (٣): "لَيسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءُ، الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَرْجِعُ في قَيئِهِ". [صحيح]

(وعنِ ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم العائذ في هِبَتِهِ كالكلبِ يقيءُ ثمَّ يعودُ في قَيْئِهِ. متفقٌ عليهِ، وفي روايةٍ للبخاريِّ: ليسَ لنا مَثَلُ السَّوْءِ، الذي يعودُ في هِبَتِهِ كالكلبِ يرجع في قَيْئِه). فيهِ دلالةٌ على تحريمِ الرجوع في الهبةِ، وهوَ مذهبُ جماهيرِ العلماءِ (٤). وبوَّبَ لهُ البخاريُّ (٥). بابُ لا يحلُّ (٦) لأَحَد أنْ يرجعَ في هِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ، وقدِ اسْتَثْنَى الجمهورُ (٤) ما يأتي منَ الهبةِ للولدِ ونحوِه، وذهبتِ الهادويةُ (٧)، وأبو حنيفةَ (٨) إلى حِلِّ الرجوعِ في الهبةِ دونَ الصدقةِ، إلَّا الهبةَ لذي رَحِم. قالُوا: والحديثُ المرادُ بهِ التغليظُ في الكراهةِ.


(١) انظر: "الفتح" (٥/ ٢١٤).
(٢) البخاري (٢٥٨٩)، ومسلم (٥/ ١٦٢٢).
قلت: وأخرجه أبو داود (٣٥٣٨)، والترمذي (١٢٩٨)، والنسائي (٣٦٩١)، وابن ماجه (٢٣٨٧)، والطيالسي (١/ ٢٨٠ رقم ١٤١٩ - منحة المعبود)، وأحمد (١/ ٢١٧)، والطحاوي (٤/ ٧٧)، والبيهقي (٦/ ١٨٠)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (١/ ١٩٢ رقم ٢٨٨)، وعبد الرزاق (٩/ ١٠٩ رقم ١٦٥٣٦).
(٣) في "صحيحه" (٥/ ٢٣٤ رقم ٢٦٢٢).
(٤) انظر: "فتح الباري" (٥/ ٢١٥).
(٥) في "صحيحه" (٥/ ٢٣٤ باب رقم ٣٠).
(٦) في المخطوط: "لا يجوز"، والتصويب من المطبوع والبخاري.
(٧) انظر: "البحر الزخار" (٤/ ١٣٩).
(٨) انظر: "المبسوط" (١٢/ ٤٩).