للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: علِّمْني دُعَاءً أَدْعُو بهِ في صَلَاتي، قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفِسي ظُلْمًا كَثِيرًا)، يُرْوَى بالمثلثةِ، وبالموحدةِ، فيخيرُ الداعي بينَ اللفظينِ، ولا يجمعُ بينَهما لأنهُ لمْ يردْ إلَّا أحُدهما. (وَلَا يَغِفْرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ) إقرارٌ بالوحدانيةِ، (فَاغْفِرْ لِي) استجلابٌ للمغفرةِ، (مَغْفِرَةً) نكَّرَها للتعظيمِ، أي: مغفرةً عظيمةً وزادَها تعظيمًا بوصفِها بقولهِ: (مِنْ عِنْدِكَ)، لأنَّ ما يكونُ منْ عندهِ تعالى لا تحيطُ بوصفهِ عبارةٌ، (وَارْحَمْني إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفورُ الرَّحِيمُ) توسلٌ إلى نيلِ مغفرةِ اللَّهِ ورحمتهِ بصفتيْ غفرانهِ ورحمتهِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

ما يُستفاد من حديث أبي بكر

الحديثُ دليلٌ على شرْعيةِ الدعاءِ في الصلاةِ على الإطلاقِ منْ غيرِ تعيينِ محلِّ لهُ، ومنْ محلاتهِ بعدَ التشهدِ والصلاةِ عليهِ - صلى الله عليه وسلم - والاستعاذةِ لقولهِ: "فليتخيرْ منَ الدعاءِ ما شاءَ". والإقرارُ [بظلم] (١) نفسهِ اعترافٌ بأنهُ لا يخلُو [أحد] (٢) البشرِ عن [ظلم] (٣) نفسهِ بارتكابهِ ما نُهيَ عنهُ أو تقصيرِه عنْ أداءِ ما أُمِرَ بهِ. وفيهِ التوسلُ إلى اللَّهِ تعالى بأسمائهِ عندَ طلبِ الحاجاتِ، واستدفاعِ المكروهاتِ، وأنهُ يأتي منْ صفاتهِ في كلِّ مقامٍ ما يناسبُه، كلفظِ الغفورِ الرحيمِ عندَ طلبِ المغفرةِ، ونحوِ: {وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} عندَ طلبِ الرزقِ. والقرآنُ والأدعيةُ النبويةِ مملوءةٌ بذلكَ.

وفي الحديثِ دليلٌ على طلب التعليمِ منَ العالمِ سيَّما في الدعواتِ المطلوبِ فيها جوامعُ الكلمُ. واعلمْ أَنهُ قدْ وردَ في الدعاءِ بعدَ التشهدِ ألفاظٌ غيرُ ما ذكِرَ. أخرجَ النسائيُّ (٤) عنْ جابرٍ: "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يقولُ في صلاتهِ بعدَ التشهدِ: أَحْسَنُ الكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ، وأَحْسَنُ الهدي هَدْيُ مُحمدٍ". وأخرجَ أبو داودَ (٥) عن


= قلت: وأخرجه النسائي (٣/ ٣٥ رقم ١٣٠٢)، وفي "عمل اليوم والليلة" (رقم: ١٧٩)، والترمذي (رقم ٣٥٣١)، وابن ماجه (رقم ٣٨٣٥)، وأحمد (١/ ٤، ٧)، والبيهقي (٢/ ١٥٤)، وابن خزيمة (٢/ ٢٩ رقم ٨٤٦)، والبغوي في "شرح السنة" (٣/ ٢٠٢ رقم ٦٩٤)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم: ١٥٩).
(١) في (أ): "بظلمه".
(٢) زيادة من (ب).
(٣) في (أ): "ظلمه".
(٤) في "السنن" (٣/ ٥٨ رقم ١٣١١)، بإسناد صحيح.
(٥) في "السنن" (١/ ٥٩٢ رقم ٩٦٩)، وهو حديث ضعيف.