للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جامَعها مِنْ ورائِها أي في قُبُلِهَا كما فسَّرتْهُ الروايةُ الأُولَى جاءَ الولدُ أحولَ فنزلتْ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (١)، واختلفتِ الرواياتُ في سببِ نُزُولِها على ثلاثةِ أقوالٍ:

الأولُ: ما ذكرَه المصنفُ منْ روايةِ الشيخينِ أنَّهُ في إتيانِ المرأةِ منْ وَرَائِها في قُبُلِها، وأخرجَ هذا المعنى جماعةٌ منَ المحدِّثِيْنَ عنْ جابرٍ وغيرِه، واجتمعَ فيهِ ستةٌ وثلاثونَ طريقًا صرَّحَ في بعضِها بأنه لا يحلُّ إلا في القُبُلِ وفي أكثرِها الردُّ على اليهودِ.

الثاني: أنها نزلتْ في حِلِّ إتيانِ دُبُرِ الزوجةِ، أخرجَهُ جماعةٌ عنَ ابن عمرَ منِ اثْنَي عشرَ طريقًا (٢).

الثالثُ: أنَّها نزلتْ في حِلِّ العزلِ عن الزوجةِ، أخرجَه أئمةٌ منْ أهلِ الحديثِ عن ابن عباسٍ وعنِ ابن عمرَ وعنِ ابن المسيِّبِ، ولا يَخْفَى أنَّ ما في الصحيحينِ مقدَّمٌ على غيرهِ فالراجحُ هوَ القولُ الأولُ. وابنُ عمرَ قدِ اختلفتْ عنهُ الروايةُ والقولُ بأنهُ أريدَ بها العزلَ لا يناسبُه لفظُ الآيةِ. هذا وقدْ رُوِيَ عن ابن الحنفيةِ أن معنَى قولِه تعالى: {أَنَّى شِئْتُمْ}، إذا شئتُم، فهوَ بيانٌ للفظِ أنَّى [و] (٣) أنهُ بمعنَى إذا فلا يدلُّ على شيءٍ مما ذُكِرَ أنهُ سببُ النزولِ بل على أن إتيانَ الزوجةِ موكولٌ إلى مشيئةِ الزوجِ.

[التسمية عند مباشرة الزوجة]

٨/ ٩٦١ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأتِيَ أَهْلَهُ قَالَ: بِسْمِ اللهِ، الْلَّهُمّ جَنِّبْنَا الشَّيطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا،


(١) سورة البقرة: الآية ٢٢٣.
(٢) هذا القول بيِّن البطلان ولو رُوي من مائة طريق؛ لأنه يخالف قول اللَّه عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣]، إذْ المعلوم أن الحرث محل الإنبات وهو في المرأة موضع النسل وهو معروف بالفطرة.
وكذلك بما ورد من أحاديث صحيحة تخالف ذلك. وقد تقدمت الرواية الصحيحة عن ابن عمر بخلافه. واللَّهُ أعلم.
(٣) في (أ): "من".