للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما غير الأكل والشرب من سائر الاستعمالات فهل يحرم؟ فإن] (١) النصَّ لم يردْ إلا في الأكلِ والشربِ، وقيلَ: يحرمُ أيضًا سائرُ الاستعمالاتِ إجماعًا، ونازعَ بعضُ المتأخرينَ وقالَ: النصُّ وردَ في الأكلِ والشربِ لا غير، وإلحاقُ سائرِ الاستعمالات بهما قياسًا لا تتمُّ فيه شرائطُ القياسِ.

والحقُّ ما ذهب إليهِ القائلُ بعدمِ تحريمِ غير الأكلِ والشربِ فيهما؛ إذْ هو الثابتُ بالنصِّ، ودعوى الإجماعِ غيرُ صحيحةٍ. وهذا من شُؤْم تبديلِ اللفظِ النبويِّ بغيرِه؛ فإنَّهُ وردَ بتحريمِ الأكلِ والشربِ فقط، فعدلوا عن عبارتهِ إلى الاستعمال، وهجروا العبارَةَ النبويةَ، وجاءوا بلفظٍ عامٍّ من تلقاء أنفسهم، ولها نظائرُ في عباراتِهم، وكأنه ذكَرَ المصنفُ هذا الحديثَ هنا لإفادةِ تحريمِ الوضوء في آنيةِ الذهبِ والفضةِ، لأنهُ استعمالٌ لهما على مذهبهِ في تحريمِ ذلكَ، وإلا فبابُ هذا الحديثِ بابُ الأطعمةِ والأشربةِ.

ثم هلْ يلحقُ بالذهبِ والفضَّةِ نفائسُ الأحجارِ كالياقوتِ والجواهرِ؟ فيه خلافٌ، والأظهرُ عدمُ إلحاقهِ وجوازُهُ على أَصْلِ الإباحةِ لعدمِ الدليلِ الناقلِ عنها.

٢/ ١٥ - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ - صلى الله عليه وسلم -: "الَّذِي يَشْرَبُ في إِنَاءِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ في بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْه (٢). [صحيح]

[ترجمة أم سلمة]

(وَعَنْ أمِّ سلمةَ) (٣) هي أمُّ المؤمنينَ زوجُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، اسمها هندُ بنتُ


(١) في النسخة (ب): [وأما الإناء المضبَّب بهما فإنه يجوز الأكل والشرب فيه إجماعًا.
وهذا في الأكل والشرب فيما ذكر لا خلاف فيه، فأما غير الأكل والشرب من سائر الاستعمالات قيل: لا يحرم لأن].
(٢) أخرجه البخاري (١٠/ ٩٦ رقم ٥٦٣٤)، ومسلم (٣/ ١٦٣٤ رقم ٢٠٦٥).
قلت: وأخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٩٢٤ رقم ١١)، وابن ماجه (٢/ ١١٣٠ رقم ٣٤١٣)، والدارمي (٢/ ١٢١)، والطيالسي (رقم: ١٦٠١)، وأحمد (٦/ ٣٠١، ٣٠٢، ٣٠٦، ٣٠٤).
(٣) انظر ترجمتها في: "مسند أحمد" (٦/ ٢٨٨ - ٣٢٤)، وطبقات ابن سعد (٨/ ٨٦ - ٩٦)، و"المعارف" (١٢٨، ١٣٦)، و"الجرح والتعديل" (٩/ ٤٦٤ رقم ٢٣٧٥)، و"المستدرك" (٤/ ١٦ - ١٩)، و"الإصابة" (١٣/ ٢٢١ - ٢٢٥ رقم ٣١٠٤)، و"الاستيعاب" (١٣/ ١٧٢ - =