للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكذلكَ بقيةُ الحديثِ منْ قولهِ: "كما صليتَ إلى آخرهِ" يجبُ إذْ هوَ منَ الكيفيةِ المأمورِ بهَا، ومَنْ فَرَّقَ بينَ ألفاظِ هذهِ الكيفيةِ بإيجاب بعضِها وندبِ بعضِها فلا دليلَ لهُ على ذلكَ. وأما استدلالُ المهديِّ في البحر (١) [للمخالف] (٢) على أن الصلاةَ على الآلِ سنةٌ بالقياسِ على الأذانِ فإنَّهم لم يذكرُوا معهُ - صلى الله عليه وسلم - فيهِ فكلامٌ باطلٌ، فإنهُ كما قيلَ لا قياسَ معَ النصِّ [ولأنه لم] (٣) يذكرِ الآلَ في تشهدِ الأذانِ لا ندبًا ولا وجوبًا؛ ولأنهُ ليسَ في الأذانِ دعاءٌ لهُ - صلى الله عليه وسلم -، بلْ شهادةٌ بأنهُ رسولُ اللَّهِ، والآلُ لم يأتِ تعبدٌ بالشهادةِ بأنَّهم آلهُ. ومنْ هنَا تعلمُ أن حذفَ لفظِ الآلِ منَ الصلاةِ كما يقعُ في كتبِ الحديثِ ليسَ على ما ينبغي، وكنتُ سُئِلْتُ عتهُ قديمًا فأجبتُ [بأنه] (٤) قدْ صحَّ عندَ أهلِ الحديثِ بلا ريبٍ كيفيةُ الصلاةِ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهمْ رواتُها وكأنَّهم حذفُوها خطأ تقيةً لما كانَ في الدولةِ الأمويةِ مَنْ يكرهُ ذكرَهم، ثمَّ استمرَّ عليهِ عملُ الناسِ متابعةً من الآخرِ للأوَّلِ، [وإلا فلا] (٥) وجهَ لهُ. وبسطتُ هذا الجوابَ في حواشي شرحِ العمدةِ بسطًا شافيًا (٦).

[من هم آل النبي - صلى الله عليه وسلم -]

وأمَّا مَنْ هُم الآلُ ففي ذلكَ أقوالٌ، الأصحُّ أنهمْ مَنْ حرِّمَتْ عليهمُ الزكاةُ، فإنهُ بذلكَ فسَّرهمْ زيدُ بن أرقمَ، والصحابيُّ أعرفُ بمرادِه - صلى الله عليه وسلم -، فتفسيرُه قرينةٌ على تعيينِ المرادِ منَ اللفظِ المشتركِ. وقد فسَّرهمْ بآلِ عليٍّ، وآلِ جعفرَ، وآلِ عقيلٍ، وآلِ العباسِ. فإنْ قيلَ يحتملُ أنْ يرادَ بقولهِ: "إذا نحنُ صلينا عليكَ في صلاتنا"، أي: إذا فحنُ دعونا لكَ في دعائِنا، فلا يدلُّ على إيجابِ الصلاةِ عليهِ في الصلاةِ، (قلتُ): الجوابُ منْ وجهينِ، الأولِ: المتبادرِ في لسانِ الصحابةِ منَ الصلاةِ في قولهِ صلاتُنا الشرعيةُ لا اللغويةُ، والحقيقةُ العرفيةُ مقدمةٌ إذا تردَّدتْ بينَ المعنيينِ. الثاني: أنهُ قد ثبتَ وجوبُ الدعاءِ في آخرِ التشهدِ كما عرفتَ منَ الأمرِ


(١) (١/ ٢٧٧).
(٢) زيادة من (أ).
(٣) في (ب): "لأنه لا".
(٤) في (ب): "أنهُ".
(٥) في (ب): "فلا".
(٦) (٣/ ٢٢).