للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنَّا) تقدَّم تفسيره بأنَّ المرادَ ليسَ علَى طريقتِنا وهدْينَا، فإنَّ طريقتَهُ - صلى الله عليه وسلم - نصرُ المسلمِ والقتالُ دونَه لا ترويعُه وإخافتُه [وقتالُه] (١) وهذا في غير المستحلِّ، فإنِ استحلَّ القتالَ للمسلمِ بغيرِ حقٍّ فإنهُ يكفرُ باستحلالِه المحرَّمِ القطعيِّ.

والحديثُ دليلٌ على تحريمِ قتالِ المسلمِ والتشديدِ فيهِ، وأما قتالُ البغاةِ منْ أهلِ الإسلامِ فإنهُ خارجٌ منْ عمومِ هذا الحديثِ بدليلٍ خاصٍّ.

[حكم من فارق الجماعة]

٢/ ١١١٩ - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ خَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ، وَمَاتَ فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيّةُ"، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (٢). [صحيح]

(وعنْ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: مَنْ خرجَ عنِ الطاعةِ وفارقَ الجماعةَ ومات، فميتتُه) بكسرِ الميمِ مصدرٌ نوعيٌّ (جاهليةٌ. أخرجَهُ مسلمٌ).

قولُه: عن الطاعةِ، أي طاعةِ الخليفةِ الذي وقعَ الاجتماعُ عليهِ، وكأنَّ المرادَ خليفةُ أيِّ قطرٍ منَ الأقطارِ، إذْ لم يجمع النَّاسُ على خليفةٍ في جميعِ البلادِ الإسلاميةِ منْ أثناءِ الدولةِ العباسيةِ، بلِ استقلَّ أهلُ كلِّ إقليمٍ بقائمٍ بأمورِهم، إذ لوْ حُمِلَ الحديثُ على خليفةٍ اجتمعَ أهل الإسلامِ عليه لَقَلَّتْ فائدتهُ.

وقولُه: (فارقَ الجماعةَ)، أي خرجَ عنِ الجماعةِ الذينَ اتفقُوا على طاعةِ إمامٍ انتظمَ بهِ شملُهم، واجتمعتْ بهِ كلمتُهم، وحاطَهم عنْ عدوِّهم.

وقولُه: (فميتتة جاهليةٌ)، أي منسوبةٌ إلى أهلِ الجهلِ، والمرادُ بهِ مَنْ ماتَ علَى الكفْرِ قبلَ الإسلامِ، وهوَ تشبيهٌ لِميْتَةِ مَنْ فارقَ الجماعةَ بمنْ ماتَ على الكفرِ بجامعِ أنَّ الكلَّ لم يكنْ تحتَ حكمِ إمامٍ، فإنَّ الخارجَ عنِ الطاعةِ كأهلِ الجاهليةِ لا إمامَ لهُ.

وفي الحديثِ دليلٌ على أنهُ إذا فارقَ أحدٌ الجماعةَ ولمْ يخرجْ عليهمْ ولا قاتلَهم أنَّا لا نقاتلُه لنردَّه إلى الجماعةِ ويذعنَ للإمامِ بالطاعةِ، بلْ نخلِّيهِ وشأنَه لأنهُ لم يأمرْ - صلى الله عليه وسلم - بقتالِه، بل [أخبرنا] (٣) عنْ حالِ موتهِ وأنهُ كأهلِ الجاهليةِ، ولا


(١) زيادة من (ب).
(٢) في "صحيحه" رقم (١٨٤٨).
(٣) في (ب): "أخبر".