للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي البخاريِّ (١) منْ حديثِ أبي هريرةَ: قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "انتدبَ اللهُ عز وجل لمَنْ خرجَ في سبيلهِ لا يُخْرجُهُ إلَّا إيمانٌ بي وتصديقٌ برسولي أنْ أُرْجِعَهُ بما نالَ مِنْ أَجْرٍ أوْ غنيمةٍ أوْ أُدْخِلَهُ الجنةَ"، ولا يَخْفَى أنَّ هذهِ الأخبارَ دليلٌ على جوازِ تشريكِ النيةِ، إذِ الإخبارُ بهِ يقتضي ذلكَ غالبًا، ثمَّ إنهُ قدْ يقصدُ المشركونَ لمجردِ نَهْبِ أموالِهم كما خرج رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بمنْ معهُ في غزاةِ بدرِ لأَخْذِ عيرِ المشركينَ، ولا ينافي ذلكَ أنْ تكونَ كلمةُ اللهِ هي العليا بلْ ذلكَ منْ إعلاءِ كلمةِ اللهِ تعالَى وأقرَّهم اللهُ تعالَى علَى ذلكَ، بلْ قالَ تعالَى: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} (٢)، ولم يذمَّهُم بذلكَ معَ أنَّ في [هذا] (٣) الإخبارِ إخبارًا لهمْ بمحبَّتِهِمْ للمالِ دونَ القتالِ، فإعلاءُ كلمةِ اللهِ يدخلُ فيهِ إخافةُ المشركينَ وأَخْذُ أموالِهم وقَطْعُ أشجارِهم ونحوُهُ.

وأما حديثُ أبي هريرةَ عندَ أبي داودَ (٤): "أنَّ رجلًا قالَ: يا رسولَ اللهِ، رجلٌ يريدُ الجهادَ في [سبيلِ اللهِ] (٥) وهوَ يبتغي عَرَضًا منَ الدنيا، فقالَ: لا أَجْرَ لهُ، فأعادَ عليهِ ثلاثًا كلُّ ذلكَ يقولُ: لا أَجْرَ لهُ"، فكأنهُ فهمَ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ الحامِلَ هوَ الغَرَضُ منَ الدنيا فأجابَهُ بما أجابَ، وإلَّا فإنهُ قدْ كانَ تشريكُ الجهادِ [بطلبه] (٦) الغنيمةِ أمرًا معروفًا في الصحابةِ، فإنهُ أخرجَ الحاكمُ (٧) والبيهقيُّ (٨) بإسنادٍ صحيحٍ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ جحشٍ يومَ أُحُدٍ قالَ: اللهمَّ ارزقْني رَجُلًا شديدًا أقاتلُه ويقاتلُني ثمَّ ارزُقْني عليهِ الصبرَ حتَّى أقتلَه وآخذَ سَلَبَهُ. فهذَا يدلُّ على أنَّ طلبَ العَرَضِ منَ الدنيا معَ الجهادِ كانَ أمرًا معلومًا جوازُهُ للصحابةِ فيدعونَ اللهَ بِنَيْلِهِ.

[ثبوت حكم الهجرة]

٩/ ١١٨٨ - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّعْدِي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا


(١) في صحيحه رقم (٣١٢٣)، قلت: وأخرجه مسلم رقم (١٨٧٦)، والنسائي (٦/ ١٦).
(٢) سورة الأنفال: الآية ٧.
(٣) في (أ): "هذه".
(٤) في "السنن" رقم (٢٥١٦)، وهو حديث حسن.
(٥) في (أ): "سبيلك".
(٦) في (ب): "بطلب".
(٧) في "المستدرك" (٢/ ٧٦) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
(٨) في "السنن الكبرى" (٦/ ٣٠٧).