للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تحريم القراءةِ على الجنبِ من حديثِ البابِ: غيرُ ظاهرٍ؛ فإنَّ الألفاظَ كلَّها إخبارٌ عن [تركه] (١) - صلى الله عليه وسلم - القرآنَ حالَ الجنابةِ. ولا دليلَ في التركِ على حكمٍ معينٍ.

وتقدم حديثُ عائشة (٢): "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يذكرُ اللَّهَ على كلِّ أحيانهِ"، وقدَّمْنَا أنهُ مخصَّصٌ بحديثِ عليٍّ عليه السلام هذا، ولكنَّ الحقَّ أنهُ لا ينهضُ على التحريمِ، بل يحتملُ أنهُ تركَ ذلكَ حالَ الجنابةِ للكراهةِ أو نحوها، إلا أنهُ أخرجَ أبو يعلى (٣) من حديث عليٍّ عليه السلام قال: "رأيتُ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - توضأَ ثمَّ قرأَ شيئًا منَ القرآنِ ثمَّ قالَ: "هكذا لمنْ ليسَ بجنبٍ، فأما الجنبُ فلا ولا آيةً"، قال الهيثميُّ (٤): "رجالُهُ موثقونَ"، وهوَ يدلُّ على التحريمِ، لأنهُ نَهْيٌ، وأصلُهُ ذلكَ، ويعاضدُ ما سلفَ.

وأما حديثُ ابن عباسٍ (٥) مرفوعًا: "لو أن أحدَكم إذا أتى أهلَهُ فقالَ: بسمِ الله" الحديثَ؛ فلَا دلالةَ فيهِ على جوازِ القراءةِ للجنبِ، لأنهُ يأتي بهذا اللفظِ غيرَ قاصدٍ للتلاوةِ، لأنهُ قبلَ غشيانهِ أهلَهُ وصيروريهِ جُنُبًا. وحديثُ ابن أبي شيبةَ (٦) أنه - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا غشيَ أهلَه فأنزلَ قالَ: "اللهمَّ لا تجعلْ للشيطانِ فيما رزقتني نصيبًا"، ليسَ فيه تسميةٌ فلا يُرَدُّ بهِ إشكالٌ.

[من أتى ثم أراد أن يعود فليتوضأ]

٩/ ١٠٧ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا


(١) في (أ): "ترك".
(٢) وهو حديث صحيح، تقدم تخريجه رقم (١٢/ ٧٢).
(٣) في "المسند" (١/ ٤٠٠ رقم ٢٦٤/ ٥٢٤).
(٤) في "المجمع" (١/ ٢٧٦).
(٥) أخرجه البخاري (١١/ ١٩١ رقم ٦٣٨٨)، ومسلم (٢/ ١٠٥٨ رقم ١١٦/ ١٤٣٤)، والترمذي (٣/ ٤٠١ رقم ١٠٩٢)، وأبو داود (٢/ ٦١٧ رقم ٢١٦١)، وابن ماجه (١/ ٦١٨ رقم ١٩١٩)، وأحمد (١/ ٢١٧، ٢٢٠، ٢٤٣، ٢٨٣، ٢٨٦)، والبغوي في "شرح السنة" (٥/ ١١٩ رقم ١٣٣٠)، والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" (٥/ ٢١٢ رقم ٦٣٧٤)، والدارمي (٢/ ١٤٥)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم ٦٠٨)، والبيهقي (٧/ ١٤٩)، والطيالسي (رقم ٢٧٠٥)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (رقم ٢٦٦)، والحميدي في "المسند" (١/ ٢٣٩ رقم ٥١٦).
(٦) أي: ما رواه ابن أبي شيبة من طريق علقمة عن ابن مسعود، وكان إذا غشي أهله فأنزل قال … الحديث كما في "فتح الباري" (١/ ٢٤٢).