للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

للصلاةِ صلاةِ الصبحِ وأحدُكم جُنُبٌ فلا يصمْ يومَهُ". وأجابَ الجمهورُ: بأنهُ منسوخٌ وأنَّ أبا هريرةَ رجعَ عنهُ لمَّا رُوِيَ لهُ حديثُ عائشةَ وأمِّ سلمةَ وأفتَى بقولِهِمَا. ويدلُّ للنسخِ ما أخرجَهُ مسلمٌ (١)، وابنُ حبانَ (٢)، وابنُ خزيمةَ (٣) عنْ عائِشةَ: "أن رجلًا جاءَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يستفتيهِ وهي تسمعُ منْ وراءِ حجابٍ فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، تدركُني الصلاةُ أي: صلاةُ الصبحِ وأنا جُنُبٌ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "وأنا يدركني الصبح وأنا جُنُبٌ فأصومُ"، قالَ: لستَ مثلَنا يا رسول اللَّهِ، قدْ غفرَ اللَّهُ لكَ ما تقدَّمَ منْ ذنبِكَ وما تأَخَّر، فقالَ: "واللَّهِ إني لأَرْجُو أنْ أكُونَ أخشاكم للَّهِ وأعلمَكم بما أتقي". وقد ذهبَ إلى النسخِ ابنُ المنذرِ والخطابي وغيرُهما، وهذا الحديثُ يدفعُ قولَ مَنْ قالَ: إنَّ ذلكَ كانَ خاصًّا بهِ - صلى الله عليه وسلم -، وردَّ البخاريُّ حديثَ أبي هريرةَ: بأنَّ حديثَ عائشةَ أقوى سندًا (٤) حتَّى قالَ ابنُ عبدِ البرِّ (٥): إنهُ صحَّ وتواترَ، وأما حديثُ أبي هريرةَ فأكثرُ الرواياتِ أنهُ كانَ يفتي بهِ، وروايةُ الرفعِ أقلُّ، ومعَ التعارضِ يُرَجَّحُ لقوةِ الطريقِ (٦).

[الصوم عن الغير]

٢٧/ ٦٣٦ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٧). [صحيح].

(وعنْ عائشةَ - رضي الله عنها - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: مَنْ ماتَ وعليهِ صومٌ صامَ عنهُ وليُّهُ. متفقٌ عليهِ). فيهِ دليلٌ على أنهُ يجزئُ الميتَ صيامُ وليِّهِ عنهُ إذا ماتَ وعليه صومٌ واجبٌ، والإخبارُ في معنَى الأمرِ، أي: [فليصمْ] (٨) عنهُ وليُّه، والأصلُ فيهِ الوجوبُ إلَّا أنهُ قد ادَّعَى الإجماعَ على أنهُ للندبِ. والمرادُ منَ المولَى كلُّ قريبٍ


(١) في "صحيحه" رقم (١١١٠).
(٢) في "الإحسان" رقم (٣٤٩٥).
(٣) في "صحيحه" رقم (٢٠١٤).
قلت: وأخرجه النسائي في "الصوم" و"التفسير" كما في "التحفة" (١٢/ ٣٨١)، والبيهقي (٤/ ٢١٤).
(٤) في صحيح البخاري (٤/ ١٤٣) في آخر الحديث رقم (١٩٢٦).
(٥) في "التمهيد" (٢٢/ ٤٠).
(٦) انظر: "التمهيد" (١٧/ ٤١٨ - ٤٢٧).
(٧) البخاري (١٩٥٢)، ومسلم (١٥٣/ ١١٤٧).
قلت: وأخرجه أحمد (٦/ ٦٩)، وأبو داود (٢٤٠٠)، والبيهقي (٤/ ٢٥٥) من حديث محمد بن جعفر عن عروة عنها.
(٨) في (ب): "ليصمْ".