للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبإطباقِ أهلِ المدينةِ خَلَفًا عن سلفٍ على منعِ النافلةِ حالَ الخطبةِ، وهذَا الدليلُ للمالكيةِ، وجوابهُ أنهُ ليسَ إجماعُهم حجةً لو أجمعُوا كما عُرفَ في الأصولِ، على أنهُ لا يتمُّ دعوى [إجماعِهم] (١)، فقد أخرجَ الترمذيُّ (٢)، وابنُ خزيمةَ وصحَّحهُ (٣) أن أبا سعيدٍ أتَى ومروانُ يخطبُ فصلَّاهُما، فأرادَ حرسُ مروانَ أن يمنعُوهُ فأبَى حتَّى صلَّاهما [ثمَّ قالَ] (٤): ما كنتُ لأدعَهما بعدَ أنْ سمعتُ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يأمرُ بهمَا.

وأمَّا حديثُ ابن عمرَ عندَ الطبرانيِّ في الكبيرِ (٥) مرفوعًا بلفظِ: "إذا دخلَ أحدُكم المسجدَ والإمامُ يخطبُ فلا صلاةَ ولا كلامَ حتَّى يفرغَ الإمامُ"؛ ففيهِ أيوبُ بنُ نهيكٍ متروكٌ، وضعَّفهُ جماعةٌ، وذكرهُ ابنُ حبانَ في الثقاتِ (٦) وقالَ: يخطئُ. وقد أُخِذَ منَ الحديثِ أنهُ يجوزُ للخطيب أنْ يقطعَ الخطبةَ باليسيرِ منَ الكلامِ، وأجيبَ عنهُ بأنَّ هذا الذي صدرَ منهُ - صلى الله عليه وسلم - من جملةِ الأوامرِ التي شُرِعَتْ لها الخطبةُ، وأمرُهُ - صلى الله عليه وسلم - بهَا دليلٌ على وجوبها، وإليهِ ذهبَ البعضُ.

وأمَّا مَنْ دخلَ الحرمَ في غيرِ حالِ الخطبةِ، فإنهُ يشرعُ لهُ الطوافُ فإنهُ تحيتهُ، أو لأنهُ في الأغلبِ لا يقعدُ إلَّا بعدَ صلاةِ ركعتي الطوافِ، وأما صلاتُها قبلَ صلاةِ العيدِ فإنْ كانتْ صلاةُ العيدِ في جبَّانةٍ غيرِ مسبَلةٍ فلا يشرعُ لها التحيةُ مطلقًا، وإنْ كانت في مسجدٍ فتشرعُ، وأما كونهُ - صلى الله عليه وسلم - لما خرجَ إلى صلاتهِ لم يصلِّ قبلَها شيئًا فذلكَ لأنهُ حالَ قدومهِ اشتغل بالدخولِ في صلاةِ العيدِ، ولأنهُ كانَ يصلِّيها في الجبانةِ ولم يصلِّها إلّا مرةً واحدةً في مسجدهِ - صلى الله عليه وسلم -، فلا دليلَ [فيهِ] (٧) على أنَّها لا تشرعُ لغيرهِ ولو كانت [صلاة] (٧) العيد في مسجدٍ.

[ما يقرأ في الجمعة والعيدين]

١٣/ ٤٢٦ - وَعَنْ ابْنِ عبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ


(١) في (أ): "الإجماع".
(٢) في "السنن" (٢/ ٣٨٥ رقم ٥١١)، وقال: حديث حسن صحيح.
(٣) (٣/ ١٦٥ رقم ١٨٣٠) إسناده حسن.
(٤) في (أ): "فقال".
(٥) كما في "مجمع الزوائد" (٢/ ١٨٤).
(٦) (٦/ ٦١).
(٧) زيادة من (أ).