للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فالآيةُ وردتْ في الكفارِ الذينَ يحلونَ الميتةَ والدمَ ولحمَ الخنزيرِ وما أُهِلَّ لغيرِ الله بهِ ويحرِّمونَ كثيرًا مما أباحه الشرعُ، وكانَ الغرضُ منَ الآيةِ بيانَ حالِهم وأنَّهم يضادونَ الحقَّ، فكأنهُ قيلَ: ما حرَّم إلَّا ما أحلَلْتُمُوهُ مبالغةً في الردِّ عليهم.

قلتُ: ويحتملُ أن المرادَ قلْ لا أجدُ - الآيةَ - محرَّمًا إلا ما ذُكِرَ في الآيةِ، ثمَّ حرَّمَ الله منْ بعدُ كلَّ ذي نابٍ منَ السباع (١)، ويُرْوَى عنْ مالكٍ (٢) أنهُ إنَّما يُكْرَهُ أكلُ كلِّ ذي نابٍ منَ السباعِ لا أنهُ [يحرمَ] (٣).

[تحريم ذي المخلب من الطير]

٢/ ١٢٤١ - وأَخْرَجَهُ (٤) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - بِلَفْظِ: نَهَى. وَزَادَ: "وَكُلِّ ذِي مخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ". [صحيح]

(وأخرجَهُ) أي أخرجَ معنَى حديثِ أبي هريرةَ مسلم (منْ حديثِ ابن عباسٍ بلفظِ: نَهَى) أي نهى عنْ كلِّ ذي نابٍ منَ السباعِ (وزادَ) أي ابنُ عباسٍ: (وكلِّ ذي


(١) قال ابن عبد البر في "التمهيد" (١/ ١٤٥ - ١٤٦):
" … قال أكثر أهل العلم والنظر من أهل الأثر وغيرهم، أن الآية محكمة غير منسوخة، وكل ما حرَّمه رسول الله مضموم إليها. وهو زيادة من حكم الله على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا فرق بين ما حرَّم الله في كتابه أو حرَّمه على لسان رسوله، بدليل قوله: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠] وقوله: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: ٣٤]. قال أهل العلم: القرآن والسنة … فقرَن الله عز وجل طاعته بطاعته، وأوعد على مخالفته، وأخبر أنه يهدي إلى صراطه، وبسط هذا القول موجود في كتب الأصول.
وليس في هذه الآية دليل على أن لا حرام على آكل إلا ما ذكر فيها، وإنما فيها أن الله أخبر نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأمره أن يخبر عباده أنه لم يجد في القرآن منصوصًا شيئًا محرمًا على الآكل، والشارب، إلا ما في هذه الآية، وليس ذلك بمانع أن يحرم الله في كتابه بعد ذلك وعلى لسان رسوله أشياء سوى ما في هذه الآية … " اهـ.
(٢) انظر: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (٢/ ٥١٤) بتحقيقنا.
(٣) في (أ): "حرم".
(٤) أي مسلم في "صحيحه" رقم (١٩٣٤).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (٣٨٠٣)، والنسائي (٧/ ٢٠٦).