للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"القاموسِ" (١) أيضًا، وفيهِ الافتراسُ الاصطيادُ، وفي "النهايةِ" (٢): نَهَى عنْ كلِّ ذي نابٍ منَ السباعِ، هوَ ما يفترسُ الحيوانَ ويأكل قَهْرًا وقسرًا كالأسدِ والذئبِ والنمرِ ونحوِها.

واختلفَ العلماءُ في المحرَّمِ منْها، فذهبَ الهادويةُ والشافعيُّ وأبو حنيفةَ وأحمدُ وداودُ إلى ما أفادهُ الحديثُ، ولكنَّهم اختلفُوا في جنسِ السباعِ المحرَّمةِ.

فقال أبو حنيفةَ: كلُّ ما أكلَ اللحمَ فهوَ سَبُعٌ حتَّى الفيلُ [والضبعُ] (٣) واليربوعُ والسِّنَّوْرُ.

وقالَ الشافعيُّ: يحرمُ مِنَ السباعِ ما يعدُو على الناسِ كالأسدِ والذئبِ والنمرِ [ونحوها] (٤) دونَ الضبُعِ والثعلبِ لأنَّهما لا يعدوانِ على الناسِ.

وذهبَ ابنُ عباسٍ فيما حكاهُ ابنُ عبدِ البرِ (٥) عنهُ وعائشةُ وابنُ عمرَ على روايةٍ عنهُ فيها ضعفٌ، والشعبيُّ [وسعيدُ] (٦) بنُ جبيرٍ، إلى حلِّ لحومِ السباعِ مستدلينَ بقولِه تعالَى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} (٧) الآيةَ. فالمحرَّمُ هوَ ما ذُكِرَ [في الآيةِ] (٨) وما عدا حلالٌ.

(وأُجِيْبَ) بأنَّ الآيةَ مكيةٌ (٩) وحديثُ أبي هريرةَ بعدَ الهجرةِ فهو ناسخ للآيةِ عندَ مَنْ يَرى نسخَ القرآنِ بالسنةِ، وبأنَّ الآيةَ خاصةٌ بثمانيةِ الأزواجِ منَ الأنعام ردًّا علَى مَنْ حرَّم بعضَها كما ذكرَ اللَّهُ تعالى قبلَها منْ قولِه: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ} (١٠) إلى آخرِ الآياتِ.

فقيلَ في الردِّ عليهم: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} (٦) الآيةَ، أي أن الذي أحللتُموهُ هوَ المحرَّمُ، والذي حرَّمْتُمُوهُ هوَ الحلالُ وأنَّ ذلكَ افتراءٌ على اللَّهِ، وقرنَ بها لحمَ الخنزيرِ لكونِه مشارِكًا لها في علةِ التحريمِ وهوَ كونُه رجسًا.


(١) "القاموس المحيط" (ص ٩٣٨).
(٢) (٥/ ١٤٠).
(٣) في (ب): "والضب".
(٤) زيادة من (أ).
(٥) في "التمهيد" (١/ ١٤٥).
(٦) زيادة من (ب).
(٧) سورة الأنعام: (١٤٥).
(٨) في (أ): "منها".
(٩) انظر: "فتح القدير" للشوكاني - بتخريجنا - عند تفسير هذه الآية.
(١٠) سورة الأنعام: الآية ١٣٩.