للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التفرقةِ بينَ مَنْ يسمعُ الخطبةَ ومَنْ لا يسمعُها (١)، ونقلَ ابنُ عبدِ البرِّ (٢) الإجماعَ على وجوبِ الإنصاتِ على مَنْ يسمعُ خطبةَ الجمعةِ إلَّا عن قليلٍ منَ التابعينَ.

وقولُه: (إذا قلتَ لصاحبكَ أنصتْ فقد لغوتَ) [تأكيدٌ] (٣) في النهيِ عن الكلام؛ لأنهُ إذا عُدَّ منَ اللغوِ وهوَ أمرٌ بمعروفٍ فأَوْلَى غيرُه، فعلَى هذا يجبُ [عليهِ] (٤) أَن يأمرَه بالإشارةِ [إنْ] (٥) أمكنَ ذلكَ، والمرادُ بالإنصاتِ قيلَ: من مكالمةِ الناسِ، فيجوزُ على هذا الذكرُ وقراءةُ القرآنِ، والأظهرُ أن النهيَ شاملٌ للجميعِ، ومَنْ فرَّقَ فعليهِ الدليلُ، فمثلُ جوابِ التحيةِ والصلاةِ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عندَ ذكرِه عندَ مَنْ يقولُ بوجوبها، فقد تعارضَ فيهِ عمومُ النهي هنا، وعمومُ الوجوبِ فيهما، وتخصيصُ أحدِهما لعمومِ الآخرِ تحكُّمٌ من دونِ مرجِّع. واختلفُوا في معنَى قولهِ: "لغوتَ"، والأقربُ ما قالهُ ابنُ المنيِّرِ أن اللغوَ ما لا يحسنُ، وقيلَ: بطلتْ فضيلةُ جُمُعَتِك وصارتْ ظهرًا.

[تحية المسجد والإمام يخطب]

١٢/ ٤٢٥ - وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ، فَقَالَ: "صَلَّيتَ"؟ قَالَ: لَا، قَالَ: "قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَينِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٦). [صحيح]

(وعن جابرٍ - رضي الله عنه - قالَ: دخلَ رجل يومَ الجمعةِ والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يخطبُ، فقالَ: صليتَ؟ قالَ: لا، قالَ: قُمْ صلِّ ركعتينِ. متفقٌ عليهِ)، الرجلُ هوَ: سُليكُ الغطفاني، سمَّاهُ في


(١) انظر: "الفقه الإسلامي وأدلته" (٢/ ٢٩٤ - ٢٩٦ رقم ١١)، و"نيل الأوطار" (٣/ ٢٧٣ - ٢٧٤).
(٢) في "التمهيد" (١٩/ ٣٢).
وقال الحافظ في "الفتح" (٢/ ٤١٥): "وأغرب ابن عبد البر فنقل الإجماع على وجوب الإنصات على من سمعها إلا عن قليل من التابعين … " اهـ.
(٣) في (أ): "تأكيدًا".
(٤) زيادة من (ب).
(٥) في (أ): "إذا".
(٦) البخاري (٩٣١)، ومسلم (٥٥/ ٨٧٥)، قلت: وأخرجه أبو داود (١١١٥)، والترمذي (٥١٠)، والنسائي (٣/ ١٠٣ رقم ١٤٠٠)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ١٩٤).