للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرابعُ: ما ظُنَّ كذبُه والحلفُ عليهِ محرَّمٌ.

الخامسُ: ما شُكَّ في صِدْقِه وكذبِه وهوَ أيضًا محرَّمٌ. فتلخَّصَ أنهُ يحرمُ ما عدَا المعلومَ صدقُه. وقولُه: ما الكبائرُ؟ فيهِ دليلٌ على أنهُ قدْ كانَ معلومًا عندَ السائلِ أنّ في المعاصي كبائرُ وغيرُها. وقدِ اختلفَ العلماءُ في ذلكَ، فذهبَ إمامُ الحرمينِ وجماعةٌ منْ أئمةِ العلمِ إلى أن المعاصي كلَّها كبائرُ. وذهبَ الجماهيرُ إلى أنَّها تنقسمُ إلى كبائرَ وصغائرَ، واستدلُّوا بقولِه تعالَى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} (١)، وقوله تعالَى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ} (٢).

قلتُ: ولا يخْفَى أنهُ لا دليلَ على [تسميةِ] شيءٍ منَ المعاصي صغائرَ، وهوَ محلُّ النزاعِ. وقيلَ: لا خلافَ في المعنَى، إنَّما الخلافُ لفظي لاتفاقَ الكلِّ علَى أن منَ المعاصي ما يقدحُ في العدالةِ، ومنْها ما لا يقدحُ فيها.

قلت: وفيهِ أيضًا تأمُّلٌ. وقولُه: (فذكرَ الحديثَ) ذكرَ فيهِ الإشراكَ باللَّهِ، وعقوقَ الوالدينِ، وقتلَ النفسِ، واليمينَ الغموسِ.

[الكبر والصغر في الذنوب أمر نسبي]

وقدْ تعرَّضَ الشارحُ (٣) - رحمه الله - إلى ما قالَهُ العلماءُ في تحديدِ [الكبيرةِ] (٤)، وأطالَ نَقْلَ أقاويلِهم في ذلكَ، وهيَ أقوال مدخولةٌ. الحق أن الكِبَرَ والصِّغَرَ أمرٌ نِسْبي فلا يتمُّ الجزمُ بأنَّ هذا صغيرٌ وهذا كبيرٌ إلا بالرجوعِ إلى ما نصَّ الشارعُ على كِبَرِه، فما نصَّ على كبره فهوَ كبيرةٌ، وما عداهُ باقي على الإبهامِ والاحتمالِ.

عدّ الكبائر عن العلائي

وقدْ عدَّ العلائيُّ في قواعده [الكبائرَ] المنصوصَ عليها بعدَ تَتَبُّعِها منَ النصوصِ فأبلغَها خمسًا وعشرين، وهي الشركُ باللَّهِ، والقتلُ، والزِّنَى، (وأفحشُه بحليلةِ الجارِ)، والفرارُ منَ الزحفِ، وأكْلُ الربا، وأكلُ مالِ اليتيمِ، وقذفُ المحصناتِ، والسحرُ، والاستطالةُ في عِرْض المسلمِ بغيرِ حقٍّ، وشهادةُ الزورِ،


(١) سورة النساء: الآية ٣١.
(٢) سورة الشورى: الآية ٣٧.
(٣) أي المغربي صاحب "البدر التمام".
(٤) في (أ): "الكبائر".