للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتعقَّبهُ المصنفُ (١) لأنهُ قالَ البيهقيُّ: هذا ضعيف، والحملُ فيهِ على أبي شيبةَ. فقالَ المصنفُ: أبو شيبةَ هو إبراهيمُ بنُ أبي بكرِ بن شيبةَ احتجّ بهِ النسائيُّ ووثقهُ الناسُ، ومَنْ فوقهُ احتجَّ بهمُ البخاريُّ، إلى أنْ قالَ: فالحديثُ حسنٌ. ثمَّ قالَ - في الجمعِ بينهُ وبينَ الأمرِ في حديثِ أبي هريرةَ -: إِنَّ الأمرَ للندبِ.

قلتُ: وقرينتهُ حديثُ ابن عباسٍ هذَا، وحديثُ ابن عمرَ عندَ عبدِ اللَّهِ بن أحمدَ (٢): "كنا نغسلُ الميتَ فمنَّا مَنْ يغتسلُ، ومنَّا مَنْ لا يغتسلُ".

قَالَ المصنفُ (٣): إسنادُه صحيحٌ، وهوَ أحسنُ ما جُمعَ بهِ بينَ هذهِ الأحاديثِ. وأما قولُهُ: (ومَنْ حملهُ فليتوضأ) فلا أعلمُ قائلًا يقولُ بأنهُ يجبُ الوضوءُ مِنْ [حملِ الميتِ] (٤) ولا يندبُ.

قلتُ: ولكنهُ معَ نهوضِ الحديثِ لا عذرَ عن العملِ بهِ، ويفسرُ الوضوءُ بغسلِ اليدينِ كما [أفاده حديث ابن عباس ويكون للندب كما] (٥) يفيدُه التعليلُ بقولهِ: "إن ميتَكمْ يموتُ طاهرًا"؛ فإنَّ لمسَ الطاهرِ لا يوجبُ غسلَ اليدينِ منهُ، فيكونُ في حملِ الميتِ غَسْلُ اليدينِ ندبًا تعبُّدًا، إذ المرادُ إذا حملهُ مباشرًا لبدنه [بقرينة] (٦) السياقِ، ولقولهِ: "يموتُ طاهرًا"؛ فإنهُ لا يناسبُ ذلكَ إلَّا مَنْ يباشرُ بدنَه بالحملِ.

[لا يمس القرآن إلا طاهر]

١١/ ٧١ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ في الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ


(١) في "التلخيص الحبير" (١/ ١٣٨).
(٢) أي: من طريقه.
أخرج الخطيب في "تاريخ بغداد" (٥/ ٤٢٤): من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل. قال لي أبي: كتبت حديث عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: "كنا نغسل الميت فمنَّا من يغتسل ومنا من لا يغتسل؟ قال: قلت: لا، قال: في ذاك الجانب (المخرم) شاب يقال له: محمد بن عبد الله يحدِّث به عن أبى هشام المخزومي عن وهيب فاكتبه عنه".
وأخرجه الدارقطني في "السنن" (٢/ ٧٢ رقم ٤).
(٣) في "التلخيص" (١/ ١٣٨).
(٤) في (أ): حملها.
(٥) زيادة من (أ).
(٦) في (أ): "لقرينة".