للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مذهبُ الشافعيِّ في تحقيقِ الرضعةِ الواحدةِ وهوَ موافقٌ للغةِ، فإذا حصلتْ خمسُ رَضَعَاتٍ على هذهِ الصفةِ حَرَّمَتْ.

لا يحرِّم من الرضاع إلا ما كان من مجاعة

٢/ ١٠٥٩ - وَعَنْهَا - رضي الله عنها - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانكُنَّ، فإنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١). [صحيح]

(وعنْها) [أي عنْ عائشةَ] (قالتْ: قالَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: انظرْنَ منْ إخوانُكُنَّ فإنَّما الرَّضاعةُ منَ المجاعةِ. متفقٌ عليهِ). في الحديثِ قصةٌ وهوَ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - دخلَ على عائشةَ وعندَها رجلٌ، فكانهُ تغيَّرَ وجْهُهُ - صلى الله عليه وسلم -، كأنهُ كرهَ ذلكَ فقالتْ: إنهُ أخي فقال: "انظرْنَ منْ إخوانُكُنَّ فإنَّما الرَّضاعةُ منَ المجاعةِ". قالَ المصنفُ (٢): لم أقفْ على [اسم هذا الرجل] (٣) وأظنُّه ابنًا لأبي الْقَعِيْسِ. وقولُه: انظرنَ، أمر بالتحقُّقِ في أمرٍ الرضاعَةِ، هلْ هوَ رضاعٌ صحيحٌ بشرطِه منْ وقوعِهِ في زمنِ الرَّضَاعِ ومقدارِ الإرْضَاعِ؛ فإنما الحكمُ الذي ينشأُ منَ الرَّضاعِ إنَّما يكونُ إذا وقعَ الرضاعُ [المشروط] (٤). وقالَ أبو عبيدٍ: معناهُ أنهُ الذي إذا جاعَ كانَ طعامُهُ الذي يشبعُهُ اللبنَ منَ الرضاعِ لا حيثُ يكونُ الغذاءُ بغيرِ الرضاع، وهوَ تعليل لإمعانِ التحققِ في شأنِ الرضاع، وإنَّ الرضاعَ الذي تثبتُ بهِ الحرُمة وتحلُّ بهِ الخلوةُ هوَ حيثُ يكونُ الرضيعُ طفلًا يسدُّ اللبنُ جوعته؛ لأنَّ معدتَه ضعيفة يكفيْها اللبنُ وينبتُ بذلكَ لحمُه فيصيرُ جُزْءًا منَ المرضعةِ فيشتركُ في الحُرْمَةِ معَ أولادِها، فمعناهُ لا رضاعةَ معتبرةٌ إلا المغْنِيَةُ عن المجاعةِ، أو المُطعمةُ منَ المجاعةِ، فهوَ في معنَى حديثٍ ابن مسعودٍ الآتي (٥): "لا رضاعَ إلَّا ما أنشزَ العظمَ وأنبتَ اللحمَ"،


(١) البخاري رقم (٥١٥٢)، ومسلم رقم (٣٢/ ١٤٥٥).
قلت: وأخرجه أحمد (٦/ ٩٤)، والدارمي (٢/ ١٥٨)، وأبو داود رقم (٢٠٥٨)، والنسائي (٦/ ١٠٢)، وابن ماجه رقم (١٩٤٥)، والبيهقي (٧/ ٤٦٠)، وابن الجارود في "المنتقى" رقم (٦٩١).
(٢) في "فتح الباري" (٩/ ١٤٧).
(٣) في (ب): "اسمُه".
(٤) في (ب): "المشترط".
(٥) وهو حديث ضعيف سيأتي تخريجه رقم (٩/ ١٠٦٦) من كتابنا هذا.