للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقالَ يعقوبُ بنُ سفيانَ: لا أعلمُ في الكتبِ المثقولةِ كتابًا أصحَّ منْ كتابِ عمرِو بنِ حزمٍ، فإنَّ الصحابة والتابعينَ يرجعونَ إليهِ ويدَعُونَ رأْيَهم.

قالَ ابنُ شهابٍ: قرأتُ في كتابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لعمرِو بنِ حزمٍ حينَ بعثَهُ إلى نجرانَ وكانَ الكتابُ عندَ أبي بكرِ بنِ حزمٍ، وصحَّحَهُ الحاكمُ (١) وابنُ حِبَّانَ (٢) والبيهقيُّ (٣)، وقالَ أحمدُ: أرجُو أنْ يكونَ صحيحًا.

وقالَ الحافظُ ابنُ كثيرٍ في "الإرشادِ" (٤) بعدَ نَقْلِهِ كلام أئمةِ الحديثِ فيهِ ما لفظُه: قلتُ: وعلَى كلِّ تقديرٍ فهذَا الكتابُ متدَاوَلٌ بينَ أئمةِ الإسلامِ قديمًا وحديثًا يعتمدونَ عليهِ ويفزعُونَ في مهماتِ هذا البابِ إليهِ، ثمَّ ذكرَ كلامَ يعقوبَ بنِ سفيانَ. إذا عرفتَ كلامَ العلماءِ هذا، عرفتَ [أن الحديث] (٥) معمولٌ بهِ وأنهُ أَوْلَى منَ الرأْي المَحْضِ.

[المسائل الفقهية التي اشتمل عليها الحديث]

وقدِ اشتملَ على مسائلَ فقهيةٍ:

الأُولى: فيمنَ قَتَلَ مؤمنًا اعتباطًا أي بلا جنايةٍ منهُ ولا جريرةٍ تُوْجِبُ قتلُه كما قدَّمْناهُ، وقالَ الخطابيُّ: اعتبطَ بقتلِه أي قتلَه ظُلْمًا لا عنْ قصاصٍ. وقدْ رُوِيَ الاغتباط بالغينِ المعجمةِ كما يفيدُه تفسيرُه في "سننِ أبي داودَ" فإنهُ قالَ: إنهُ سُئِلَ يَحْيَى بن يَحْيَى الغسانيِّ عنِ الاغتباطِ فقال: القاتلُ الذي يقتلُ في الفتنةِ فَيَرى أنهُ في هُدَى لا يستغفرُ اللهَ تعالَى منهُ. فهذَا يدلُّ أنهُ منَ الغبطةِ بالغينِ المعجمة الفرحُ والسرورُ وحسنُ الحالِ، فإذا كانَ المقتولُ مؤمنًا وفرحَ بقتلِه فإنهُ داخلٌ في هذا الوعيدِ. ودلَّ على أنهُ يجبُ القَوَدُ إلَّا أنْ يرضَى أولياءُ المقتولِ فإنَّهم يخيِّرون بينَه وبينَ الديةِ كما سلفَ.

[المسألة] (٦) الثانيةُ: دلَّ الحديث أنَّ قدْرَ الديةِ مائةٌ منَ الإبلِ، وفيهِ دليلٌ أيضًا علَى أنَّ الإبلَ هيَ الواجبةُ وأنَّ بقية الأصنافِ ليستْ بتقديرٍ شرعيٍّ بلْ هيَ


(١) في "المستدرك" (١/ ٣٩٧).
(٢) في "الموارد" رقم (٧٩٣).
(٣) في "السنن الكبرى" (٤/ ٩٠).
(٤) (٢/ ٢٧٧).
(٥) في (ب): "أنه".
(٦) زيادة من (أ).