للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنْ أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - قالَ: سألتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أيُّ العملِ أفضلُ؟ قالَ: إيمانٌ باللهِ، وجهادٌ في سبيلهِ. قلتُ: فأيُّ الرِّقابِ أفضل؟ قالَ: أغلاهَا)، رُوِيَ بالعينِ المهملةِ والغينِ المعجمةِ، (ثمنًا، وأنفسُها عندَ أهلِها. متفقٌ عليهِ). دلَّ على أن الجهادَ أفْضَلُ أعمالِ البِرِّ بعد الإيمان، وقدْ تقدَّمَ في كتابِ الصَّلاةِ أنّ الصّلاةَ في أولِ وقتِها أفضلُ الأعمالِ على الإطلاقِ. وتقدَّم الجمعُ بينَ الأحاديثِ هنالكَ. ودلَّ على أن الأغْلَى ثمنًا أفضلُ منَ الأَدنَى قيمةً. قالَ النوويُّ (١): محلُّه واللهُ أعلمُ فيمنْ أرادَ أنْ يعتقَ رقبةً واحدةً، أما لو كانَ معَ شخصٍ ألفُ درهمٍ مثلًا فأرادَ أنْ يشتريَ بها رقابًا يعتقُها فوجدَ رقبةً نفيسةً ورقبتينِ مفضولَتينِ قالَ: فثنتانِ أفضلُ بخلافِ الأُضحيةِ، فإنَّ الواحدةَ السمينةَ أفضلُ، لأنَّ المطلوبَ في العِتْق فكُّ الرقبةِ، وفي الأُضحيةِ طيبُ اللحمِ، انتهَى. والأَوْلى أن هذا [لا يُوخَذُ قاعدةً] (٢) كليةً بلْ يختلفُ باختلافِ الأشخاصِ، فإنهُ إذا كانَ شخصٌ بمحلِّ عظيمِ منَ العلمِ والعملِ، وانتفاعِ المسلمينَ بهِ فعتقُه أفضلُ منْ عتقِ جماعةٍ ليسَ فيهمْ هذهِ [السماتُ] (٣)، فيكونُ الضابطُ اعتبارَ الأكثرِ نَفْعًا. وقولُه: "وأنفسُها عندَ أهلِها"، أي ما كانَ [اغتباطُهم] (٤) بها أشدَّ، وهوَ الموافقُ لقولِه تعالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (٥).

[من أعتق حظه من عبد عتق عليه كل العبد وضمن لشريكه نصيبه]

٥/ ١٣٤١ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ في عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ قِيمَةَ عَدْلِ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيهِ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٦). [صحيح]


(١) في شرحه لمسلم (٢/ ٧٩).
(٢) في (أ): "ليس بقاعدة".
(٣) في (أ): "الخصال".
(٤) في (أ): "محبتهم لها".
(٥) سورة آل عمران: الآية ٩٢.
(٦) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (٢٥٢٢)، ومسلم في "صحيحه" رقم (١/ ١٥٠١) قلت: وأخرجه أحمد (٢/ ١١٢)، وأبو داود رقم (٣٩٤٠)، والترمذي رقم (١٣٤٦)، والنسائي (٧/ ٣١٩)، وابن ماجه رقم (٢٥٢٨)، وابن الجارود (٩٧٠)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٣/ ١٠٦)، والدارقطني (٤/ ١٢٣ رقم ٧٥٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٧٤).