للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سوءُ الظنِّ بمن اشتهرَ بينَ الناسِ بمخالطةِ الريبِ، والمجاهرةِ بالخبائثِ، فلا يحرمُ سوءُ الظنِّ بهِ لأنهُ قدْ دلَّ على نفسهِ، ومن سترَ على نفسِه لم يُظَنَّ بهِ إلا خيرٌ، ومنْ دخلَ في مداخلِ السوءِ اتُّهِم، ومنْ هتكَ نفسَه ظننا بهِ السوءَ.

والذي يميزُ الظُّنونَ التي يجبُ اجتنابُها عما سواها أن كلَّ ما لا تُعْرَفُ لهُ أمارةٌ صحيحةٌ وسببٌ ظاهرٌ كانَ حرامًا واجبَ الاجتنابِ، وذلك كأهل السترِ والصلاح ومنْ آنست منهُ الأمانة في الظاهرِ، ومقابله بعكسِ ذلكَ. ذكرَ معناهُ في الكشافِ (١). وقولُه: "فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديث"، سمَّاه حديثًا لأنهُ حديثُ نفسٍ، وإنَّما كانَ الظنُّ أكذبَ الحديثِ لأنَّ الكذبَ لمخالفته الواقعَ منْ غيرِ استنادِ إلى أمارةٍ، وقبحُه ظاهرٌ لا يحتاجُ إلى إظهارهِ، وأما الظنُّ فيزعمُ صاحبُه أنهُ استندَ إلى شيءٍ فيخفَى على السامعِ كونُه كاذِبًا بحسبِ الغالبِ [فكان] (٢) أكذبَ الحديثِ.

من ضيَّع من استرعاه الله أو خانهم حرَّم الله عليه الجنة

٩/ ١٤٠٥ - وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيتِهِ، إلَّا حَرّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٣). [صحيح]

(وَعَنْ مَعقِلِ بْنِ يَسَارٍ - رضي الله عنه - سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: مَا مِنْ عَبدٍ يَستَرعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَومَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إلَّا حَرّمَ اللهُ عَلَيهِ الجَنَّةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ). أخرجَهُ البخاريُّ منْ روايةِ الحسنِ، وفيهِ قصةٌ، وهي: أن عُبَيْدَ اللَّهِ بنَ زيادٍ عادَ معقلَ بنَ يسارٍ في مرضِه الذي ماتَ فيهِ، وكانَ عبيدُ اللهِ عاملًا على البصرةِ في إمارةِ معاويةَ وولدِهِ يزيدَ. أخرجه الطبرانيُّ (٤) في الكبير منْ وجهٍ آخرَ


(١) في "الكشاف" (٤/ ١٤ - ١٥).
(٢) في (أ): وكان.
(٣) أخرجه البخاري رقم (٧١٥٠)، ورقم (٧١٥١)، ومسلم (٣/ ١٤٦٠ رقم ٢١/ ١٤٢).
قلت: وأخرجه الطبراني في "الكبير" (٥٠/ ٢٠٧ رقم ٤٧٤)، والبيهقي (٩/ ٤١)، والبغوي في "الجعديات" رقم (٣٢٦١)، وفي "شرح السنة" رقم (٢٤٧٨)، والطيالسي رقم (٩٢٩)، والدارمي (٢/ ٣٢٤)، من طرق.
(٤) (٢٠/ ٤٠٨ رقم ٤٧٦).