للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هذَا ما ذكرتْهُ الحنفيةُ منَ التقديرِ، فقدْ أُجيْبَ عنهُ بأنهُ لا يجبُ التقديرُ لأنَّ قولَه: (ولا ذو عهدٍ في عهدِهِ)، كلامٌ تامُّ [لا] (١) يحتاجُ إلى إضمارٍ، لأنَّ الإضمارَ خلافُ الأصْلِ فلا يُصَارُ إليهِ إلَّا لضرورةٍ فيكون نَهْيًا عنْ قتلِ المعاهِدِ. وقولُهم: إنَّ قتلَ المعاهدِ معلومٌ وإلا لم يكنْ للعهدِ فائدةٌ فلا حاجةَ إلى الإخبارِ بهِ.

جوابُه: أنهُ محتاجٌ إلى ذلكَ، إذْ لا يُعْرَفُ إلَّا من طريق الشارعِ، وإلَّا فإنَّ ظاهرَ العموماتِ يقضي بجوازِ قَتْلِهِ، ولوْ سَلِمَ تقديرُ الكافرِ في الثاني فلا يسلمُ استلزامُ تخصِيصِ الأولِ بالحربيِّ، لأنَّ مقتضى العطفِ مُطْلَقُ الاشتراكِ [لا الاشتراك] منْ كلِّ وَجْهٍ.

ومعنَى قولِه: (ويسعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهم)، أنهُ إذا أمَّنَ المسلمُ حربيًا كانَ أمانُه أمانًا منْ جميعِ المسلمينَ ولوْ كانَ ذلكَ المسلمُ امرأةً كما في قصةِ أم هانئٍ (٢)، ويُشْتَرَطُ [أن يكون] (٣) المؤمن مُكَلَّفًا، فإنهُ يكونُ أمانًا منَ الجميعِ فلا يجوزُ نَكثُ ذلكَ. وقولُه: (وهمْ يدٌ على مَنْ سِوَاهم)، أي همْ مجتمعونَ على أعدائِهم، لا يحلُّ لهمُ التخاذلُ، بلْ يُعِيْنُ بعضُهم بعضًا على جميعِ مَنْ عادَاهُمْ منْ أهلِ المِلَلِ، كأنهُ جعلَ أيديَهُم يدًا واحدةً وفعلَهم فعلًا واحدًا.

القَوَد بمثل ما قتلَ به إلا إذا كان بفعل محرَّم

٧/ ١٠٩٣ - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَنَّ جَارِيَةً وُجدَ رَأسُهَا قَدْ رُضَّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَسَألُوهَا: مَنْ صَنَعَ بِكِ هذَا؟ فُلَان، فُلَان، حَتى ذَكَرُوا يَهُودِيًا، فَأَوْمَتْ بِرَأسِهَا. فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ فَأَقَرّ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُرَضَّ رَأسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٤)، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ. [صحيح]


(١) في (ب): "فلا".
(٢) أخرجه البخاري رقم (٣٥٧)، ومسلم رقم (٣٣٦).
(٣) في (ب): "كون".
(٤) البخاري رقم (٦٨٧٩)، ومسلم رقم (١٦٧٢).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (٤٥٢٧)، و (٤٥٢٨)، والترمذي رقم (١٣٩٤)، والنسائي (٨/ ٢٢).