للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نصفَ ذلكَ. وفي العصرِ في الركعتينِ الأوليينِ في كلِّ ركعةٍ قدرَ خمسَ عشْرةَ آيةً، وفي الأخريينِ قدرَ نصفِ ذلكَ". هذا لفظُ مسلمٍ، وفيهِ دليل على أنهُ لا يقرأُ في الأخريينِ منَ العصرِ إلَّا الفاتحةَ، وأنهُ يقرأُ في الأخريينِ منَ الظهرِ غيرَها معَها، وتقدمَ حديثُ أبي قتادةَ (١): "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يقرأُ في الأخريينِ منَ الظهرِ بأمِّ الكتابِ، ويسمعُنا الآيةَ أحيانًا". وظاهرُهُ أنهُ لا يزيدُ على أمِّ الكتابِ فيهمَا، ولعلَّهُ أرجحُ منْ حديثٍ أبي سعيدٍ منْ حيثُ الروايةُ لأنهُ اتفقَ عليهِ الشيخانِ منْ حيثُ الروايةُ، ومنْ حيثُ الدرايةُ، لأنهُ إخبارٌ مجزومٌ بهِ، وخبرُ أبي سعيدٍ انفردَ بهِ مسلمٌ، ولأنهُ خبرٌ عنْ حُزْرٍ وتقديرٍ وتَظَنُّنٍ، ويحتملُ أنْ يجمعَ بينهَما بأنهُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يصنعُ هذا تارةً فيقرأُ في الأخريينَ غيرَ الفاتحةِ معَها ويقتصرُ فيهما أحيانًا (٢)، فتكونُ الزيادةُ عليْها [فيهما سنة] (٣) تفعلُ أحيانًا وتتركُ أحيانًا.

٢٢/ ٢٧٣ - وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: كَانَ فُلَانٌ يُطِيلَ الأُوْلَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ، وَيُخَفِّفُ الْعَصْرَ، وَيَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَفي الْعِشَاءِ بِوَسَطِهِ، وَفي الصُّبْحِ بِطِوالِهِ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَحَدٍ أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ هذَا. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ (٤). [صحيح]

[ترجمة سليمان بن يسار]

(وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ) (٥) هوَ أبو أيوبَ سليمانُ بنُ يسارٍ بفتحِ المثناةِ التحتيةِ وتخفيفِ السينِ المهملة، وهوَ مولى ميمونةَ أمِّ المؤمنينَ وأخو عطاءِ بن يسارٍ منْ أهلِ المدينةِ وكبارِ التابعينَ. كانَ فقيهًا فاضلًا ثقةً عابدًا ورِعًا حجةً، وهوَ أحدُ الفقهاءِ السبعةِ. (قَالَ: كَانَ فُلَانٌ) في شرح السنةِ للبغويِّ أن فلانًا يريدُ بهِ


(١) تقدم تخريجه (٢٠/ ٢٧١).
(٢) هنا لفظ (عليها) زيادة من (أ).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) في "السنن" (رقم ٩٨٣) وهو حديث صحيح.
(٥) انظر ترجمته في: شذرات الذهب" (١/ ١٣٤)، والنجوم الزاهرة (١/ ٢٥٢)، و"غاية النهاية" (ت: ١٣٩٦)، و"تهذيب التهذيب" (٤/ ١٩٩ رقم ٣٩١)، و"حلية الأولياء" (٢/ ١٩٠)، و"تذكرة الحفاظ" (١/ ٨٥)، و"المعرفة والتاريخ" (١/ ٥٤٩)، و"تاريخ البخاري الكبير" (٤/ ٤١)، و"طبقات ابن سعد" (٥/ ١٧٤).