للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القطانُ في مشيخَتِه عنْ أنسٍ يرفعُه: "يأتي على الناسِ زمانٌ الصابرُ فيهِ على دينِه لهُ أجرُ خمسينَ منكمْ". وجمعَ الجمهورُ بينَ الأحاديثِ بأنَّ للصحبةِ فضيلةً ومزيةً لا يوازيْها شيءٌ منَ الأعمالِ، فَلِمَنْ صحبَهُ - صلى الله عليه وسلم - فضيلتُها وإنْ قَصُرَ عملُه، وأجرُه باعتبارِ الاجتهادِ في العبادةِ، وتكونُ خيرية منْ يأتي باعتبارِ كثرةِ الأجرِ بالنظرِ إلى ثوابِ الأعمالِ، وهذا قدْ يكونُ في حقِّ بعضِ الصحابةِ.

وأما مشاهيرُ الصحابةِ فإنَّهم حازُوا السبقَ منْ كلِّ نوعٍ منْ أنواعِ الخيرِ، وبهذَا يحصلُ الجمعُ بينَ الأحاديثِ. وأيضًا فإنَّ المُفاضلَةَ بينَ الأعمالِ بالنظرِ إلى الأعمالِ المتساويةِ في النوعِ، وفضيلةُ الصحبةِ مختصةٌ بالصحابةِ لم يكنْ لِمَنْ عداهُم شيءٌ منْ ذلكَ النوعِ.

وفي قولهِ: "ثمَّ يكونُ قومٌ إلى آخرهِ" دليلٌ على أنهُ لم يكنْ في القرون الثلاثة مَنْ يتَّصِفُ بهذِه الصفات المذمومةِ، ولكنَّ الظاهرَ [أن المراد] (١) بحسبِ الأغلبِ. واستدلَّ بهِ على تعديلِ القرونِ الثلاثةِ، ولكنَّه أيضًا باعتبارِ الأغلبِ، وقولُه: "ولا يؤتمنونَ"، أي: لا يراهُم الناسُ أمناءَ، ولا يثقونَ بهم لظهورِ خيانَتِهم. وقدْ ثبتَ أن الأمانةَ أولُ [ما تُرْفَعُ] (٢) منَ الناسِ، ومعنَى قولِه: (يظهرُ فيهمُ السِّمَنُ) أنهم يتوسَّعونَ في المأكل والمشربِ، وهي أسبابُ السِّمَنِ، وقيلَ أرادَ كثرةَ المالِ، وقيلَ المرادُ أنَّهم يتسمنونَ أي يتكثرونَ بما ليس فيهم، ويدَّعونَ ما ليسَ لهمْ منَ الشرفِ. وفي حديثٍ أخرجَهُ الترمذيُّ (٣) بلفظ: "ثمَّ يجيءُ قومٌ يتسمَّنونَ ويحبونَ السمنَ"، فجمعَ بينَ السمنِ أي التكثرِ بما ليسَ عندَهم، وتعاطي أسبابِ السِّمَنِ.

[من لا تجوز شهادته]

٣/ ١٣٢٠ - وَعَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمرو - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا


= وله شاهد عن ابن مسعود أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٠/ ٢٢٥) رقم (١٠٣٩٤) من طريقين …
وقال الألباني: "وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم"، والخلاصة: فالحديث حسن، والله أعلم.
(١) زيادة من (ب).
(٢) في (ب) "ما يرفع".
(٣) في "السنن" رقم (٢٣٠٢).