للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإنهُ يفعلُ ما يشاءُ، ويحكمُ ما يريدُ على أنَّها كلُّها مؤوَّلةٌ بأنَّ المرادَ وربِّ الشمسِ ونحوِهِ. ووجْهُ التحريمِ أن الحِلفَ يقتضي تعظيمَ المحلوفِ بهِ، ومنعَ النفسِ عن الفعلِ أو عزْمَها عليهِ بمجردِ عظمةِ مَنْ حلفَ بهِ، وحقيقةُ العظمةِ مختصَّةٌ باللَّهِ تعالَى، فلا يلحقُ بهِ غيرُه. ويحرمُ الحلِفُ بالبراءةِ منَ الإسلامِ، أوْ منَ الدينِ، أو بأنهُ يهوديٌّ أوْ نحوُ ذلكَ لما أخرجَهُ أبو داودَ (١)، وابنُ ماجهْ (٢)، والنسائيُّ (٣) بإسنادٍ على شرطِ مسلم منْ حديثِ بريدةَ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ حلفَ فقالَ إني بريءٌ منَ الإسلامِ، فإن كانَ كاذِبًا فهو كما قالَ، وإنْ كانَ صادِقًا فلنْ يرجِعَ إلى الإسلامِ سالِمًا". والأظهرُ عدمُ وجوبِ الكفارةِ في الحلِفِ بهذهِ المحرَّماتِ، إذِ الكفارةُ مشروعةٌ فيما أذِنَ اللهُ (تعالَى) أنْ يحلفَ بهِ لا فيما نَهَى عنهُ، ولأنهُ لم يذكرِ الشارعُ كفارةً بلْ ذكرَ أنهُ يقولُ كلمةَ التوحيدِ لا غيرُ.

[اعتبار نية المستحلف في اليمين]

٣/ ١٢٨٢ - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَال: قَال رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ" (٤). [صحيح]

- وَفي رِوَايَةٍ: "الْيَمِينُ عَلَى نِيةِ الْمُسْتَحْلِفِ" (٥)، أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ. [صحيح]

(وعنْ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: يمينُكَ علَى ما يصدِّقُكَ بهِ


(١) في "السنن" رقم (٣٢٥٨).
(٢) في "السنن" رقم (٢١٠٠).
(٣) في "السنن" رقم (٧/ ٦).
قلت: وأخرجه أحمد (٥/ ٣٣٥، ٣٥٦)، والحاكم (٤/ ٢٩٨) وعنه البيهقي (١٠/ ٣٠) من طريق الحسين بن واقد ثنا عبد اللهِ بن بريدة عن أبيه به. وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي.
قلت: الحسين بن واقد إنما أخرج له البخاري تعليقًا، فهو على شرط مسلم وحده.
والخلاصة: أن الحديث صحيح، واللَّهُ أعلم.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (١٦٥٣)، وأحمد (٢/ ٢٢٨، ٣٣١)، والترمذي رقم (١٣٥٤)، وابن ماجه رقم (٢١٢١)، والدارمي (٢/ ١٨٧)، وأبو داود رقم (٣٢٥٥)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (٢٥١٤).
(٥) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (٢١/ ١٦٥٣)، وابن ماجه رقم (٢١٢٠)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (٢٥١٥).