للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَعَنْ ثَوْبَانَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: لِكلِّ سَهْوِ سَجْدَتَانِ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ) قالُوا: لأنَّ في إسنادهِ إسماعيلَ بنَ عياشٍ، وفيهِ مقالٌ وخلافٌ. قالَ البخاريُّ (١): إذا حدَّثَ عنْ أهلِ بلدِهِ يعني الشاميينَ فصحيحٌ، وهذا الحديثُ منْ روايتِهِ عن الشاميينَ، فتضعيفُ الحديثِ بهِ فيهِ نظرٌ.

والحديثُ دليلٌ لمسألتينِ، (الأُولى): أنهُ إذا تعددَ المقتضِي لسجودِ السهوِ تعددَ لكلِّ سهوٍ سجدتانِ، وقدْ حُكِي عن ابن أبي ليلَى. وذهبَ الجمهورُ إلى أنهُ لا يتعددُ السجودُ وإنْ تعددَ موجبُهُ؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في حديثِ ذي اليدينِ سلَّمَ وتكلَّمَ ومشَى ناسيًا ولم يسجدْ إلا سجدتينِ، ولئنْ قيلَ، إنَّ القولَ أَوْلى بالعملِ بهِ منَ الفعلِ، فالجوابُ أنهُ لا دلالةَ فيهِ على تعددِ السجودِ لتعددِ مقتضيْهِ، بلْ هوَ للعمومِ لكلِّ ساهٍ؛ فيفيدُ الحديثُ أن كلَّ مَنْ سَهَا في صلاتهِ بأيِّ سهْوٍ كان يشرعُ لهُ سجدتانِ، ولا يختصانِ بالمواضعِ التي [سَهَا فيها] (٢) النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا بالأنواعِ التي سَهَا بها. والحملُ على هذا المعنَى أَوْلَى مِنْ حملِهِ على المعنَى الأولِ، وإنْ كانَ هوَ الظاهرُ فيهِ، جمعًا بينَه وبينَ حديثِ ذي اليدينِ، على أن لكَ أنْ تقولَ: إنَّ حديثَ ذي اليدينِ لمْ يقعْ فيهِ السهوُ المذكورُ حالَ الصلاةِ؛ فإنهُ محلُّ النزاعِ فلا يعارضُ حديثُ [البابِ] (٣). (والمسألةُ الثانيةُ) يحتجُّ بهِ مَنْ يرى سجودَ السهوِ بعدَ السلامِ. وتقدمَ فيهِ تحقيقُ الكلامِ (٤).

[حكم سجود التلاوة ومواضعه]

١٠/ ٣٢٢ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - في


(١) في "التاريخ الكبير" (١/ ٣٧٠).
(٢) في (ب): "بيَّنها".
(٣) في (ب): "الكتاب".
(٤) وخلاصة القول: أن سجود السهو سجدتان قبل التسليم في موضعين: (الأول): إذا كان عن نقص، لحديث عبد الله بن بُحينة المتقدم رقم (١/ ٣١١).
(الثاني): إذا كان عن شك لم يترجح فيه أحد الأمرين، لحديث أبي سعيد الخدري (رقم ٤/ ٣١٤).
وسجدتان بعد التسليم في موضعين أيضًا. (الأول): إذا كان عن زيادة، لحديث عبد الله بن مسعود رقم (٥/ ٣١٥).
(الثاني): إذا كان عن شك ترجح فيه أحد الأمرين، لحديث ابن مسعود.
وانظر: كتابنا: "الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية" (ص ٧٧ - ٧٩).