للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرجهُ أحمدُ، وابنُ ماجه، والبيهقيُّ، وفسَّرَ البخاريُّ (١) حلَّ العِرضِ بما علَّقه عنْ سفيانَ قال: يقولُ مَطَلَني، وعُقوبته حَبْسُهُ، وهوَ دليلٌ لزيدِ (٢) بن عليٍّ أنهُ يُحْبَسُ حتَّى يَقْضي دَيْنَهُ. وأجازَ الجمهورُ الحجْرَ وبيعَ الحاكم عنهُ مالَه، وهذا أيضًا داخلٌ تحتَ لفظِ عقوبتِه، لا سيَّما وتفسيرُها بالحبْسِ [غيرُ] (٣)، مرفوعٍ. ودلَّ الحديثُ على تحريمُ مُطْلِ الواجدِ، ولِذا [أبيحتْ] (٤) عقوبتُه، وإنَّما اختلفَ العلماءُ هل يبلغُ لَيّ الواجد الكبيرةَ فيفسُقُ، وتُرَدُّ شهادتُه بمطلِه مرةً واحدةً أمْ لا؟ فذهبتِ الهادويةُ (٥) إلى أنهُ يفسُقُ بذلكَ، واختلفوا في قدْرِ ما يفسقُ بهِ، فقالَ الجمهورُ منْهم: إنَّهُ يفسقُ بمطلِ عشرةِ دراهمَ فما فوقَ قياسًا على نصابِ السرقةِ، وفي كلامِ الهادي عليه السلامُ ما يقضي بأنهُ يفسقُ بدونِ ذلكَ، وكذلكَ ذهبتْ إلى هذَا المالكية (٦) والشافعيةُ (٧) إلا أنَّهم تردَّدُوا في اشتراطِ التكرارِ، ومُقْتَضَى مذهبِ الشافعي اشتراطُه، ثمَّ يدلُّ بمفهومِه على أنَّ مُطْلَ غيرِ الواجدِ وهوَ المعسِرُ لا يحلُّ عرضُه ولا عقوبتُه، والحكمُ كذلكَ عندَ الجماهيرِ، وهو الذي دلَّ له قولُه تعالى: {فَنَظِرةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (٨).

[الحجر على المدين]

٣/ ٨١٧ - وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا، فَكَثُرَ دَيْنُهُ، فَأَفْلَسَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَصَدَّقُوا عَلَيهِ"، فتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَبْلُغْ ذَلك وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِغُرَمَائِهِ: "خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيسَ لَكُمْ الَّا ذلِكَ"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٩). [صحيح]


(١) في ترجمة باب في "صحيحه" (٥/ ٦٢ باب ١٣)، وقد وصله البيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٥١).
(٢) انظر: "البحر الزخار" (٤/ ١٩١).
(٣) في (ب): "ليس".
(٤) في (ب): "أبيح".
(٥) انظر: "البحر الزخار" (٤/ ١٨٩).
(٦) انظر: "المنتقى" لأبي الوليد الباجي (٥/ ٦٦).
(٧) انظر: "معالم السنن" (٥/ ٢٣٧).
(٨) سورة البقرة: الآية ٢٨٥.
(٩) في "صحيحه" (١٨/ ١٥٥٦).
وأخرجه أبو داود (٣٤٦٩)، والترمذي (٦٥٥)، والنسائي (٤٥٣٠)، وابن ماجه (٢٣٥٦)، والبيهقي (٦/ ٥٠).