للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منْ رأسِ المالِ عندَهم، وظاهرُه أنهُ يُقَدَّمُ على دَيْنِ الآدميِّ، وهوَ أحدُ أقوالِ الشافعيُّ، ولا يعارضُ ذلكَ قولُه تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (١) [الآية] (٢)، لأنَّ ذلك عامٌّ (٣) خصَّهُ هذا الحديثُ، أوْ لأنَّ ذلكَ في حقِّ الكافرِ. وقيل: اللامُ في الآيةِ بمعنَى على، أي ليسَ عليه، مثلُ: "ولهمُ اللعنةُ"، أي: عليهمْ. وقدْ بسطنا القولَ في هذا في حواشي ضوءِ النهارِ (٤).

[حج الصبي والعبد]

٩/ ٦٧٣ - وَعَنْهُ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ، ثُمَّ بَلَغَ الْحِنْثَ، فَعَلَيهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى، وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ، ثُمَّ أُعْتِقَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى". رَوَاهُ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ (٥) وَالْبَيْهَقِيُّ (٦)، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ في رَفْعِهِ، وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ. [صحيح]


(١) سورة النجم: الآية ٣٩.
(٢) زيادة من النسخة (ب).
(٣) خير من ذلك أن ولد الرجل من كسبه كما ورد في بعض الآثار، وعليه فالآية عامة وحج الولد عن أبيه متناول لها. والآية عند التأمل ليست من العام الذي خصَّصه الحديث لأن فيها حصرًا، والحديث ناقض لذلك الحصر فالعمل به إبطال للحصر.
وإذا صح للشارح أن يتأول اللام بمعنى على أو يجعل الآية في حق الكافر وهو خلاف الظاهر، فماذا يرى في آيات أخرى كآية: {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ}، وآية: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ}؟!
(٤) (٢/ ٦٦٤ - ٦٦٥) و (٢/ ٦٦٦ - ٦٦٧).
(٥) عزاه إليه الحافظ في "التلخيص" (٢/ ٢٢٠).
(٦) في "السنن الكبرى" (٤/ ٣٢٥).
قلت: وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (٣/ ٣٥٣ رقم ٢٧٥٢) وقال: لم يَرْوِ هذا الحديث عن شعبة مرفوعًا إلا يزيدُ، تفرَّدَ به محمدُ بنُ المِنْهال.
وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (٨/ ٢٠٩). وقال: لم يرفعه إلا يزيد بن زريع عن شعبة، وهو غريب.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (١/ ٤٨١) وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
قلت: وصحَّحه ابن دقيق العيد في "الإلمام" بعدما أورده (رقم: ٦٣٥).
وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (٣/ ٣٤٩ رقم ٣٠٥٠) بإسناد صحيح.
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، انظر: "إرواء الغليل" للألباني (٩٨٦).
و"التلخيص" لابن حجر (٢/ ٢٢٠).