للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٨/ ٦٧٢ - وَعَنْهُ - رضي الله عنهما - أن امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: إنَّ أُمي نَذَرَتْ أنْ تَحُجَّ، فَلَمْ تَحُجَّ حَتى مَاتَتْ، أَفَأحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: "نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيتِ لَو كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ، أكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ اقضُوا الله فالله أَحَقُّ بِالوَفَاءِ"، رَوَاهُ الْبُخَارِي (١) [صحيح]

(وعنهُ) أيْ: عن ابن عباسٍ (أن امرأةً) قالَ المصنفُ: لم أقفْ على اسمِها ولا اسمِ أمِّها (منْ جُهَيْنةَ) بضمِّ الجيمِ بعدَها مثناةٌ تحتيةٌ فنونٌ، اسمُ قبيلةٍ (جاءتْ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالتْ: إنَّ أمي نذرتْ أنْ تحجَّ ولم تحجَّ حتَّى ماتَتْ، أَفأحُجُّ عنْها؟ قالَ: نعم حجِّي عنْها، أرأيتِ لو كَانَ على أمِّك دينٌ أكنتِ قاضيَتَهُ؟ اقضُوا اللَّهَ فاللَّهُ أحقُّ بالوفاءِ. رواهُ البخاريُّ).

الحديثُ دليلٌ على أنَّ الناذرَ بالحجِّ إذا ماتَ ولم يحجَّ أجزأَه أنْ يحجَّ عنهُ ولدُه [وقريبُه] (٢)، ويجزئهُ عنهُ وإنْ لم يكنْ قدْ حجَّ عنْ نفسِه لأنهُ - صلى الله عليه وسلم - لم يسأَلْها حجَّتْ عنْ نفسِها أمْ لا، ولأنهُ - صلى الله عليه وسلم - شبَّههُ بالدَّيْنِ، وهوَ يجوزُ أنْ يقضيَ الرجلُ دَيْنَ غيرِه قبلَ دينِه، وردَّ بأنهُ سيأتي في حديثِ شبرمه (٣) ما يدلُّ على عدمِ إجزاءِ حجِّ مَنْ لم يحجَّ عنْ نفسه. وأما مَسألةُ الدِّيْنِ فإنهُ لا يجوزُ لهُ أن يصرفَ مالَه إلى دينِ غيرِه وهوَ مطالبٌ بدينِ نفسِه.

وفي الحديثِ دليلٌ على مشروعيةِ القياسِ، وضربِ المثل ليكونَ أوقعَ في نفسِ السامعِ، وتشبيهُ المجهولِ حكمهُ بمعلوم (٤)، فإنهُ دلَّ أن قضاءَ الدَّيْنِ عن الميتِ كانَ معلومًا عندَهم متقرَّرًا ولهذا حسنَ الإلحاقُ بهِ.

ودلَّ على وجوب التحجيجِ عن الميتِ سواءٌ أَوْصَى أمْ لم يوصِ، لأنَّ الديْنَ يجبُ قضاؤُه مطلقًا، وكذا سائرُ الحقوقِ الماليةِ منْ كفارةٍ ونحوِها. وإلى هذا ذهبَ ابنُ عباسٍ، وزيدُ بنُ ثابتٍ، وأبو هريرةَ، والشافعيُّ، ويجبُ إخراجُ الأجرةِ


= يصح قضاؤه عن الغير فهذا عام وأخبار النيابة خاصة ولا تَعارض بينهما، فكل منهما معمول به في محله" اهـ.
(١) في "صحيحه" (٦٦٩٩).
قلت: وأخرجه النسائي (٥/ ١١٦).
(٢) زيادة من النسخة "ب".
(٣) رقم (١١/ ٦٧٥) من كتابنا هذا.
(٤) في النسخة (ب): "بالمعلوم".