للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في الحرمِ أُقيْمَ عليهِ ما أحدثَ فيهِ منْ شيء"، واللَّهُ تعالَى يقولُ: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} (١)، وفرَّقُوا بَيْنَهُ وبَيْنَ الملتجئِ إليهِ بأنَّ الجاني فيهِ هاتكٌ لِحُرْمَتِهِ والملتجئُ معظّمٌ لها، ولأنهُ لو لم يقمِ الحدَّ علَى مَنْ جَنَى فيهِ منْ أهلهِ لعظُمَ الفسادُ في الحرم وأدَّى إلى أن مَنْ أرادَ الفسادَ قصدَ الحرمَ ليسكُنه وفعلَ فيهِ ما [تتقاضاهُ] (٢) شهوتُه.

وأما الحدُّ بغيرِ القتلِ فيما دونَ النفسِ منَ القصاصِ ففيهِ خلافٌ أيضًا، فَذَهَبَ أحمدُ في روايةٍ عنه أنهُ يستوفى لأنَّ الأدلةَ إنَّما وردتْ فيمَنْ سفكَ الدمَ وإنَّما ينصرفُ إلى القتلِ ولا يلزمُ مِنْ تحريْمِهِ في الحرمِ تحريمُ ما دونَه لأنَّ حُرْمَةَ النفسِ أعظمُ والانتهاكُ بالقتلِ أشدُّ، ولأنَّ الحدَّ فيما دونَ النفسِ جارٍ مَجْرَى تأديبِ السيِّدِ عبدَه فلا يمنعْ منهُ. وعنهُ روايةٌ [أخرى] (٣) بعدمِ الاستيفاءِ لشيء عملًا بعمومِ الأدلةِ. ولا يخْفَى أن الحكمَ للأخصِّ حيثُ صحَّ أن سفْكَ الدَّمِ لا ينصرفُ إلَّا إلى القتلِ.

قلتُ: ولا يخْفَى أنَّ الدليلَ قاض بالقتلِ، والكلامُ مِنْ أَولهِ في الحدودِ فلا بدَّ منْ حَمْلِها على القتلِ، إذْ حدُّ الزِّنَى غيرُ الرجمِ وحدُّ الشُّربِ والقذفِ يُقَامُ عليهِ.

القتل صبرًا

٢٦/ ١٢٠٥ - وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَتَلَ يَوْمَ بَدْرٍ ثَلَاثَة صَبْرًا. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ في الْمَرَاسِيلِ، وَرِجَالُهُ ثِقَات (٤). [سنده صحيح]

[ترجمة سعيد بن جبير]

(وعنْ سعيدِ بن جبير - رضي الله عنه -) (٥) هوَ أبو عبدِ اللَّهِ سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ بضمِّ الجيمِ وفتحِ الباءِ الموحدةِ فمثناةٍ فراءٍ، الأسديُّ مولَى بني والبةَ بطنٌ منْ بني أسدِ بن


(١) سورة البقرة: الآية ١٩١.
(٢) في (أ): "اقتضى".
(٣) زيادة من (أ).
(٤) في "المراسيل" رقم (٣٣٧). زياد بن أيوب: ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين.
(٥) انظر ترجمته في: "الجمع بين رجال الصحيحين" (١/ ١٦٤)، و"الكاشف" (١/ ٢٨٢)، و"تذكرة الحفاظ" (١/ ٧٦)، و"تهذيب التهذيب" (٤/ ١١ - ١٣) وذكر أسماء التابعين (١/ ١٤٧).