للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنْ أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قالَ اللَّهُ تعالَى: ثلاثةٌ أنا خصمُهم يومَ القيامةِ: رجلٌ أعْطَى بي ثمَّ غدرَ، ورجلٌ باعَ حُرًّا فأكلَ ثَمَنَهُ، ورجلٌ استأجَرَ أجيرًا فاستوفَى منهُ، ولم يعطِه أجْرَهُ. رواهُ مسلم).

فيهِ دلالةٌ على شِدَّةِ جُرْمِ مَنْ ذُكِرَ، وأنهُ تعالى يخصمُهم يومَ القيامةِ نيابةً عمَّنْ ظلموهُ. وقولُه: أعْطَى بي، أي: حلفَ باسمي وعاهدَ، أوْ أعطى الأمانَ باسمي وبما شرعْتُهُ منْ ديني، وهو مجمع على تحريمِ الغدْرِ والنَّكثِ، وكذا بيعُ الحرِّ مجمعٌ (١) على تحريمِهِ. وقولُ: استوفَى استكملَ منهُ العملَ ولم يعطِهِ الأجْرَةَ فهوَ أكْلٌ لمالِهِ بالباطلِ معَ تَعبهِ وكدِّهِ.

[جواز أخذ الأجر على تعليم القرآن]

٧/ ٨٦١ - وَعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إن أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيهِ أَجْرًا كِتَابُ اللهِ"، أخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ (٢). [صحيح]

(وعنِ ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: إن أحقَّ ما أخذْتُم عليهِ أجْرًا كتابُ اللهِ. أخرجَهُ البخاريُّ). وقدْ عارضَهُ ما أخرجَهُ أبو داودَ (٣) منْ حديثِ عبادةَ بن الصامتِ ولفظُه: "علَّمْتُ ناسًا منْ أهلِ الصُّفَّةِ الكتابَ والقرآنَ؛ فأهْدَى إليَّ رجلٌ منْهم قوسًا، فقلتُ: ليستْ بمالٍ وأرمي عليها في سبيل اللَّهِ، فأتيتُه فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، رجلٌ أَهْدَى إليَّ قَوْسًا ممنْ كنتُ أعلِّمُهُ الكتابَ والقرآن فليست لي بمالٍ فَأَرْمِي عليها في سبيلِ اللَّهِ، فقالَ: إنْ كنتَ تحبُّ أنْ تطوَّقَ طَوْقًا منْ نارٍ فاقبلْها". فاختلفَ العلماءُ في العملِ بالحديثينِ، فذهبَ الجمهورُ منهم: مالكٌ (٤)،


(١) قال ابن المنذر في "الإجماع" (ص ١١٤ رقم ٤٧١): وأجمعوا على أن بيع الحر باطل. اهـ.
(٢) في صحيحه (١٠/ ١٩٨ رقم ٥٧٣٧).
وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (٨/ ٢٦٧ رقم ٢١٨٧)، والبيهقي (٦/ ١٢٤)، والدارقطني (٣/ ٦٥ رقم ٢٤٧، ٢٤٨).
(٣) في "سننه" (٣/ ٧٠١، ٧٠٢ رقم ٣٤١٦، ٣٤١٧).
وأخرجه ابن ماجه (٢١٥٧)، وهو حديث صحيح، صحَّحه الألباني في "صحيح أبي داود" (٢/ ٦٥٥ رقم ٢٩١٥).
(٤) انظر: "بداية المجتهد" (٣/ ٤٢٧: ٤٢٩) بتحقيقنا.