للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أنهُ - صلى الله عليه وسلم - الإمامَ، فمن العلماءِ من ذهبَ إلى الترجيحِ بين الرواياتِ، فرجحَ أنه - صلى الله عليه وسلم - كان الإمامَ لوجوهٍ منَ الترجيحِ مستوفاة في فتحِ الباري، وفي الشرحِ بعضٌ من ذلك، وتقدمَ في شرح الحديث السابع (١) بعضُ وجوهِ ترجيحِ خلافهِ، ومنَ العلماءِ مَنْ قالَ بتعدّدِ [القصةِ] (٢)، وأنهُ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى تارةً إمامًا، وتارةً مأمومًا في مرضِ موتهِ هذا.

وقد استدلَّ بحديثِ عائشةَ هذا وقولِها: "يقتدي أبو بكرٍ بصلاةِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويقتدي الناسُ بصلاةِ أبي بكرٍ"، أن أبا بكرِ كانَ مأمومًا إمامًا. وقد بوَّبَ البخاريُّ على هذَا فقالَ: (بابُ الرجلِ يأتمُّ بالإمامِ ويأتمُّ الناسُ بالمأمومِ) (٣)، قالَ ابنُ بطالٍ: هذا يوافقُ قولَ مسروقٍ والشعبيِّ: إنَّ الصفوفَ يؤمُّ بعضُها بعضًا خلافًا للجمهورِ، قالَ المصنفُ: قالَ الشعبُّ: مَنْ أحرمَ قبلَ أنْ يرفعَ الصفُّ الذي يليه رؤوسَهم منَ الركعةِ [إنهُ] (٤) أدركَها ولوْ كانَ الإمامُ رفَعَ قبلَ ذلكَ؛ لأنَّ بعضَهم لبعضِ أئمةٌ. فهذَا يدلُّ أنهُ يرى أنهم متحمِّلونَ عن بعضِهم بعضًا ما يتحمَّلُهُ الإمامُ، ويؤيدُ ما ذهبَ إليهِ قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "تقدَّموا فأْتمُّوا بي، وليأتمَّ بكمْ مَنْ بعدكم"، وقد تقدَّم (٥).

وفي روايةٍ مسلمٍ (٦): "أن أبا بكرٍ كانَ يُسْمِعُهُم التكبيرَ"، دليل على أنهُ يجوزُ رفعُ الصوتِ بالتكبيرِ لإسماعِ المأمومينَ ويتبعونه، وأنهُ يجوزُ للمقتدي اتباعُ صوتِ المكبرِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ، وفيهِ خلافٌ للمالكيةِ. قالَ القاضي عياضٌ عن مذهبْهم: إنَّ منهُمْ مَنْ يبطِلُ صلاةَ المقتدي، ومنهم مَنْ لا يبطلُها، ومنهم مَنْ قالَ: [إنْ] (٧) أَذِنَ لهُ الإمامُ بالإسماع صحِّ الاقتداءُ بهِ وإلَّا فلا، ولهمْ تفاصيلُ غيرُ هذهِ ليسَ عليها دليلٌ، وكأنَّهم يقولون في هذا الحديثِ: إنَّ أبا بكرِ كانَ هوَ الإمامَ، ولا كلامَ أنهُ يرفعُ صوتَهُ لإعلام مَنْ خلفَهُ.

[تخفيف الإمام الصلاة على المأمومين]

١٢/ ٣٨١ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمُ


(١) رقم (٧/ ٣٧٦)، في المخطوط التاسع، والصواب ما أثبتناه.
(٢) في (أ): القضية.
(٣) الباب رقم (٦٨).
(٤) في (ب): "فقد".
(٥) رقم (٨/ ٣٧٧).
(٦) (١/ ٣١٤ رقم ٩٦/ ٤١٨).
(٧) في (أ): "إذا".