للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنهُ) أي: أبي هريرةَ: (قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ لمْ يدعْ قولَ الزورِ) أي: الكذبَ، (والعملَ بهِ والجهلَ) أي: السَّفَهَ، (فليسَ للهِ حاجةٌ) أي: إرادةٌ (في أنْ يدعَ شرابَهُ وطعامَهُ. رواة البخاريُّ، وأبو داودَ، واللفظُ لهُ).

الحديثُ دليلٌ على تحريمِ الكذبِ، والعملِ بهِ، وتحريمِ السفهِ على الصائمِ، وهما محرَّمانِ على غيرِ الصائم أيضًا، إلَّا أن التحريمَ في حقِّه آكدُ كتأكدِ تحريمِ الزِّنى منَ الشيخِ، والخُيلاءِ منَ الفقيرِ. والمرادُ منْ قولِه: "فليسَ للهِ حاجةٌ"، أي: إرادةُ بيانِ عظمِ ارتكابِ ما ذُكِرَ، وأنَّ صيامَه كَلَا صيامَ، ولا معنَى لاعتبارِ المفهومِ هنا فإنَّ الله تعالى لا يحتاجُ إلى أحدٍ هو الغنيُّ سبحانهُ، ذكرَهُ ابنُ بطَّالٍ. وقيلَ: هوَ كنايةٌ عنْ عدمِ القَبولِ كما يقولُ المغضبُ لمنْ ردَّ شيئًا عليهِ: لا [حاجة] (١) لي في كذا، وقيلَ: إنَّ معناهُ أن ثوابَ الصيامِ لا يُقاومُ في حكمِ الموازنةِ ما يستحقُّ منَ العقابِ لما ذكرَ. هذَا وقدْ وردَ في الحديثِ الآخَرِ: " [إن] (٢) شاتَمَهُ أو سابَّهُ فليقلْ إني صائمٌ" (٣)، فلا تشتمْ مبتدئًا ولا مجاوِبًا.

[[جواز القبلة والمباشرة للصائم]]

١٥/ ٦٢٤ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، ولَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكَكُمْ لإرْبِه. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٤)، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِم، وَزَادَ في رِوَايَةٍ (٥): في رَمَضَانَ. [صحيح].


(١) في (أ): "حيلة".
(٢) في (ب): "فإن".
(٣) أخرجه ابن خزيمة (١٩٩٣) من حديث أبي هريرة بسند صحيح على شرط مسلم.
وأخرج البخاري (١٩٠٤)، ومسلم (١٦٣/ ١١٥١) عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: " … فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤٌ صائم … ".
(٤) البخاري (١٩٢٧)، ومسلم (٦٥/ ١١٠٦).
قلت: وأخرجه أبو داود (٢٣٨٢)، وابن ماجه (١٦٨٧)، وابن خزيمة رقم (١٩٩٨)، والبيهقي (٤/ ٢٣٠)، وأحمد (٦/ ٤٢، ٢١٦، ٢٣٠)، والترمذي (٧٢٩) كلهم من طريق الأسود عنها.
وللحديث طرق كثيرة عنها، انظر تخريجها في: "إرواء الغليل" للمحدث الألباني (٤/ ٨٠ - ٨٥)، وكتابنا: "إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة" جزء الصوم.
(٥) في "صحيحه" (٧١/ ١١٠٦).