للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ - رضي الله عنه -: أَنَّهُ رَأَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)، وفي لفظٍ له (١): "فإذَا رَفعَ رأسَهُ منَ السجدةِ الثانيةِ جلسَ واعتمدَ على الأرضِ ثمَّ قامَ". وأخرجَ أبو داودَ (٢) منْ حديثٍ أبي حُمَيْدٍ في صفةِ صلاتهِ - صلى الله عليه وسلم - وفيهِ: "ثمَّ أهوى ساجدًا، ثم ثَنى رجلَيْهِ وقعد حتى رجعَ كلُّ عُضْوٍ في موضعِهِ ثمَّ نهضَ". وقدْ ذكرتْ هذهِ القعدةُ في بعضِ ألفاظِ روايةٍ حديثٍ المسيءِ صلاتهِ. وفي الحديثِ دليل على شرعيةِ هذهِ القعدةِ بعدَ السجدةِ الثانيةِ منَ الركعةِ الأُولى والركعةِ الثالثةِ، ثمَّ ينهضُ لأداءِ الركعةِ الثانيةِ أو الرابعةِ، وتُسَمَّى جلسةَ الاستراحةِ. وقدْ ذهبَ إلى القولِ بشرعيَّتِها الشافعيُّ في أحدِ قوليْهِ، وهوَ غيرُ المشهورِ عنهُ، والمشهورُ عنهُ وهوَ رأيُ الهادويةِ والحنفيةِ، ومالكٍ، وأحمدَ، وإسحاقَ أنهُ لا يشرعُ القعودُ هذَا، مستدلينَ بحديثِ وائلِ بن حجرٍ في صفةِ صلاتهِ - صلى الله عليه وسلم - بلفظِ: "فكانَ إذا رفعَ رأْسَهُ منَ السجدتينِ استوى قائمًا"، أخرجهُ البزارُ (٣) في مُسْنَدهِ، إِلَّا أنهُ ضعَّفَهُ النوويُّ (٤)، وبما رواهُ ابنُ المنذرِ (٥) منْ حديثٍ النَّعمانِ بن أبي عياشٍ: "أدركتُ غيرَ واحدٍ منْ أصحابِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فكانَ إذا رفعَ رأسَهُ منَ السجدةِ في أولِ ركعةٍ، وفي الثالثةِ قامَ كما هوَ ولم يجلسْ". ويجابُ عن الكلِّ بأنهُ لا منافاةَ إذْ مَنْ فعلَها فلأنَّها سنةٌ، ومَنْ تركَها فكذلكَ. وإنْ كانَ ذكرُها في حديثٍ المسيءِ يشعرُ بوجوبِها لكنْ لمْ يقلْ بهِ أحدٌ فيما أعلمُ.

[القنوت وموضعه والجمع بين أحاديثه]

٣٨/ ٢٨٩ - وَعَنْ أَنْسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَنَتَ شَهْرًا، بَعْدَ الرُّكُوعِ، يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنَ الْعَرَبِ، ثُمَّ تَرَكَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٦). [صحيح]


(١) أي للبخاري في "صحيحه" (رقم ٨٢٤).
(٢) في "السنن" (١/ ٤٦٧ رقم ٧٣٠).
(٣) عزاه إليه الهيثمي في "المجمع" (٢/ ١٣٤ - ١٣٥) وقال: وفيه محمد بن حجر، قال البخاري: فيه بعض النظر، وقال الذهبي: له مناكير.
(٤) في "المجمع شرح المهذب" (٣/ ٤٤١).
(٥) في "الأوسط" (٣/ ١٩٥ رقم ١٤٩٧). وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١/ ٣٩٥).
(٦) البخاري (رقم ٣٨٦١ - البغا)، ومسلم (رقم ٣٠٤/ ٦٧٧).