للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بصبِّهِ" (١)، فإنَّ سَقْيَهُ الخادمَ دليلٌ على جوازِ شربهِ وإنَّما تركَهُ - صلى الله عليه وسلم - تَنَزُّهًا عنهُ، وأُجِيْبَ بأنهُ لا دليلَ علَى أنهُ بلغَ حدَّ الإسكارِ وإنَّما بدا فيهِ بعضُ تَغَيُّرٍ في طَعْمِهِ منْ حموضةٍ أوْ نحوِها فسقاهُ الخادمَ مبادرةً لخشيةِ الفسادِ، ويحتملُ أنْ تكونَ أوْ للتنويعِ كأنهُ قالَ سقاهُ الخادمَ أوْ أمرَ بهِ فَأُهْرِيْقَ، أي إنْ كانَ بدَا في طعمهِ بعضُ تغيرٍ ولم يشتدَّ سقاهُ الخادمَ وإنِ اشتدَّ أمرَ بإهراقِه، وبهذَا جزمَ النوويُّ (٢) في [تفسير] (٣) معنَى الحديثِ.

[التداوي بالخمر حرام]

١١/ ١١٧٣ - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ"، أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقيُّ، وَصَحّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ (٤). [حسن]

(وعنْ أمِّ سلمةَ - رضي الله عنها - عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: إنَّ اللهَ لم يجعلْ شِفَاءَكُم فيما حرَّمَ عليكمْ. أخرجَه البيهقيُّ وصحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ)، وأخرجَهُ أحمدُ (٥) وذكرَهُ البخاريُّ (٦) تعليقًا عنِ ابنِ مسعودٍ، ويأتي ما أخرجَهُ مسلمٌ (٧) عنْ وائلِ بنِ حجرٍ.

والحديثُ دليلٌ علَى أنهُ يحرُمُ التداوي بالخمرِ؛ لأنهُ إذا لم يكنْ فيهِ شفاءٌ فتحريمُ شُرْبِها باقٍ لا يرفعُه تجويزُ أنهُ يُدْفَعُ بها الضررُ عنِ النفسِ. وإلى هذا ذهبَ الشافعيُّ (٨)، وقالتِ الهادويةُ (٩) إلا إذا غصَّ بلقمةٍ ولم يجدْ ما يسوِّغُها بهِ إلا الخمرَ جازَ. وادَّعى في "البحرِ" (٩) الإجماعَ على هذَا وفيهِ خلافٌ.


(١) مسلم (٧٩، ٨٠/ ٢٠٠٤).
(٢) "شرح النووي" (١٣/ ١٧٤).
(٣) زيادة من (أ).
(٤) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٥)، وابن حبان في صحيحه (٤/ ٢٣٣ رقم ١٣٩١)، قلت: وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (٢٣/ ٣٢٦، ٣٢٧ رقم ٧٤٩)، وأحمد في "كتاب الأشربة" (٦٣ رقم ١٥٩)، والحاكم (٤/ ٢١٨) من طريق الأعمش عن شقيق. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٥/ ٨٦) وقال: رواه أبو يعلى والبزار. ورجال أبي يعلى رجال الصحيح خلا حسان بن مخارق، وللحديث شواهد فهو حديث حسن، واللهُ أعلم.
(٥) "كتاب الأشربة" (٦٣/ ١٥٩).
(٦) البخاري (١٠/ ٧٨ باب رقم ١٥).
(٧) يأتي تخريجه في الحديث رقم (١٢/ ١١٧٤) من كتابنا هذا.
(٨) انظر: "فتح الباري" (١٠/ ٨٠).
(٩) "البحر الزخار" (٤/ ٣٥١).