للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقالَ أبو حنيفةَ (١): يجوزُ التداوي بها كما يجوزُ شربُ البولِ والدمِ وسائرِ النجاساتِ للتداوي، قلْنا: القياسُ باطلٌ، فإنَّ المقيسَ عليهِ محرَّمٌ بالنصِّ المذكورِ لعمومِه لكلِّ محرَّمٍ. فائدةٌ: في "النجمِ الوهاج" قالَ الشيخُ: كلُّ ما يقولُ الأطباءُ منَ المنافعِ في الخمرِ وشُرْبِها كانَ عندَ شهادةِ القرآنِ (٢) أنَّ فيها منافعَ للناسِ قبلُ، وأما بعدَ نزولِ آيةِ المائدةِ (٣) فإنَّ اللهَ تعالَى الخالقَ [لكلِّ شيءٍ] (٤) سلبَها المنافعَ جُمْلَةً، فليسَ فيها شيءٌ منَ المنافعِ، وبهذَا [تسقطُ] (٥) مسألةُ التداوي بالخمرِ. والذي قالَه منقولٌ عنِ الربيعِ والضحاكِ، وفيهِ حديثٌ أسندهُ الثعلبيُّ وغيرُه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إنَّ اللهَ تعالَى لما حرَّمَ الخمرَ سلَبها المنافعَ" (٦).

١٢/ ١١٧٤ - وَعَنْ وَائِلٍ الْحَضْرَميِّ أنَّ طَارقَ بْنَ سُوَيْدٍ - رضي الله عنه - سَأَلَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَن الْخَمْرِ يَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ فَقَالَ: "إِنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهَا دَاءٌ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا (٧). [صحيح]

(وعنْ وائلٍ) هوَ ابنُ حُجرٍ بضمِّ الحاءِ وسكونِ الجيمِ (الحضرميِّ أنَّ طارقَ بنَ سويدٍ سألَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عنِ الخمرِ يصنعُها [للتداوي] (٨) فقالَ: إنَّها ليستْ بدواءٍ ولكنَّها داءٌ. أخرجَهُ مسلمٌ وأبو داودَ وغيرُهما).

أفادَ الحكمُ الذي دلَّ عليهِ الحديثُ الأولُ وهوَ تحريمُ التداوي بالخمرِ وزيادةُ الأخبارِ بأنَّها داءٌ، وقدْ عُلِمَ منْ حالِ مَنْ يستعملُها أنهُ يتولَّدُ عنْ شُرْبها أدواءٌ كثيرةٌ، وكيفَ لا يكونُ ذلكَ بعدَ [الإخبار من] (٩) الشارعِ أنَّها داءٌ، فقبَّحَ اللهُ وُصَّافَها مِنَ الشعراءِ الخلعاءِ ووصَّافَ شُرْبِهَا وتشويقَ الناسِ إلى شربِها والعكوفَ عليها، كأنَّهم يضادونَ اللهَ تعالَى ورسولَه فيما حرَّمهُ، ولا شكَّ أنَهم يقولونَ تلكَ الأشعارَ بلسانٍ شيطانيٍّ يدعونَ إلى ما حرَّمهُ اللهُ ورسولُه.


(١) كذا قال، وفي المبسوط (٢٤/ ٢١) قال: ويكره للرجل أن يداوي بها جرحًا في بدنه أو يداوي بها دابته. وقال في (٢٤/ ٢٥): أما الاستشفاء بعين الخمر فقد بيَّنا أنه لا يحل عندنا.
(٢) سورة البقرة: الآية ٢١٩.
(٣) سورة المائدة: الآية ٩١.
(٤) زيادة من (ب).
(٥) في (أ): "سقط".
(٦) فلينظر من أخرجه.
(٧) مسلم (١٢/ ١٩٨٤)، وأبو داود (٣٨٧٣)، قلت: وأخرجه الترمذي (٢٠٤٦) وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه (٣٥٠٠)، وأحمد (٤/ ٣١١، ٣١٧) و (٥/ ٢٩٢، ٢٩٣).
(٨) في (ب): "للدواء".
(٩) في (ب): "إخبار".