للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على الزوجِ فلا تُنْهَى عن الإحدادِ على غيرِه أكثرَ منْ ثلاثةٍ، وإليهِ ذهبتِ الحنفيةُ والهادي وذهبَ الجمهورُ إلى أنَّها داخلةٌ في العمومِ وأنَّ ذِكْرَ المرأةِ خرجَ مَخْرَجَ الغالبِ والتكليفِ على وليِّها في مَنْعِهَا منَ الطِّيبِ وغيرِه؛ ولأنَّ العِدَّةَ واجبةٌ علَى الصغيرةِ كالكبيرةِ ولا تحلُّ خِطْبَتُهَا.

[لا إحداد في الطلاق]

الثالثة: في قولِه: على ميِّتٍ، دليلٌ على أنهُ لا إحدادَ على المطلَّقةِ، فإنْ كانَ رجْعيًا فإجماعٌ، وإنْ كانَ بائِنًا فذهبَ الجمهورُ إلى أنهُ لا إحدادَ عليْها وهوَ قولُ الهادي والشافعيِّ ومالكٍ وروايةٌ عنْ أحمدَ لظاهرِ قولِه على ميِّتٍ وإنْ كانَ مفهومًا فإنهُ يؤيدُه أن الإحدادَ شُرعَ لِقَطْعِ ما يدعُو إلى الجماعِ وكانَ هذَا في حقِّ [المتوفَّى عنْها] (١) لِتَعَذُّرِ رجوعِها إلى الزوجِ، وأما المطلقةُ بائنًا فانهُ يصحُّ أنْ تعودَ معَ زوجِها بعقدٍ إذا لم تكنْ مثلثةً، وذهبَ آخرونَ منهم علي وزيدُ بنُ عليٍّ وأبو حنيفةَ وأصحابُه إلى وجوب الإحدادِ على المطلَّقةِ بائنًا قياسًا على المتوفَّى عنْها لأنَّهما اشتركَتَا في العِدَّةِ وَاختلفَتَا في سَبَبِها، ولأنَّ العدةَ تحرِّمُ النكاحَ فحرِّمتْ دواعيْه والقولُ الأولُ أَظْهَرُ دليلًا.

الرابعةُ: أنهُ لا دلالة في الحديث على وجوبِ الإحدادِ وإنَّما دلَّ على حِلِّهِ علَى الزوجِ الميِّتِ، وذهبَ إلى وجوبِه أكثرُ العلماءِ لِمَا أخْرَجَهُ أبو داودَ (٢) منْ حديثٍ أمِّ سلمةَ [أنَّها] (٣) قالَتْ: دخلَ علَي رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حينَ تُوُفِّيَ أبُو سَلمةَ وقدْ جعلْتُ عليَّ صَبْرًا الحديثُ سيأتي (٤) وَرَوَاهُ النسائيُّ (٥). قالَ ابنُ كثيرٍ: وفي سندِه غرابةٌ قالَ: ولكنْ رَوَاهُ الشافعيُّ (٦) عنْ مالكٍ أنهُ بلغَهُ عنْ أمِّ سلمةَ فذكرهُ، وهوَ مما يتقوَّى بهِ الحديثُ ويدلُّ علَى أن لهُ أصْلًا. ولما أخرجَهُ عنْها أيضًا أحمدُ (٧)


(١) في المخطوطتين (المميتة) والأصوب ما أثبتناه.
(٢) في "السنن" رقم (٢٣٠٥).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) برقم: (٥/ ١٥٤٣) من كتابنا هذا.
(٥) في "السنن" (٦/ ٢٠٤ - ٢٠٥) رقم (٣٥٣٧) وهو حديث ضعيف.
(٦) في "بدائع المنن" (٢/ ٣١٩ - ٣٢١ رقم ١٧١٠).
(٧) في "المسند" (٦/ ٣٠٢).