للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأبو داودَ (١) والنسائي (٢) أنَّ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "المتوفَّى عنْها زوجُها لا تلبسُ المعصفَرَ منَ الثياب ولا الممشقةَ ولا الحليَّ ولا تختضبُ ولا تكتحلُ"، قالَ الحافظُ ابنُ كثيرٍ: إسنادُه جَيِّدٌ. لكنْ رواهُ البيهقيُّ (٣) موقوفًا عليها. وذهبَ الحسنُ والشعبيُّ أنَّ المطلقةَ ثلاثًا والمتوفَّى عنْها زوجُها يكتحلان ويمتشطان ويتطيبانِ ويتنقلانِ ويصنعانِ ما شاءتا، واستدلَّا بما أخرجَهُ أحمدُ (٤) وصحَّحَهُ ابنُ حبَّانَ (٥) منْ حديثٍ أسماءَ بنتِ عُمَيسٍ قالتْ: دخلَ عليَّ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اليومَ الثالثَ منْ قَتْلِ جعفَرَ بن أبي طالبٍ فقالَ: لا تحدِّي بعدَ يومِكِ هذا. هذا لفظُ أحمدَ ولهُ ألفاظٌ كلُّهَا دالةٌ على أمْرِه - صلى الله عليه وسلم - لها بعدمِ الإحدادِ بعدَ ثلاثٍ، وهذا ناسخٌ لأحاديثِ أمِّ سلمةَ في الإحدادِ لأنهُ بعدَها [قالت] (٦) أمُّ سلمةَ أُمِرْتُ بالإحدادِ، بعدَ موتِ زَوْجِها، وموتُهُ متقدِّمٌ على قَتْلِ جعفرَ، وقدْ أجابَ الجمهورُ عنْ حديثٍ أسماءَ بأجوبةٍ سبعةٍ كلُّها تكلُّفٌ لا حاجةَ إلى سَرْدِها.

المسألة الخامسةُ: في قولِه: أربعةَ أشهرٍ وعشْرًا، قيلَ الحكمةُ في التقديرِ بهذهِ المدةِ أن الولدَ [يتكامل خلقه] (٧) وينفخُ فيهِ الروحُ بعدَ مضيٍّ مائةٍ وعشرينِ يومًا وهي زيادةٌ على أربعةِ أشهرٍ بنقصانِ الأهلةِ فَجَبْرُ الكسرِ إلى العقدِ على طريقِ الاحتياطِ، وذِكْرُ العشرِ مؤنَّثًا باعتبارِ الليالي والمرادُ مع أيامِها عندَ الجمهورِ، فلا تحلُّ حتى تدخلَ الليلةُ الحاديةُ عشَرَ.


(١) في "السنن" رقم (٢٣٠٤).
(٢) في "السنن" (٦/ ٢٠٣ - ٢٠٤ رقم ٣٥٣٥)، وهو حديث صحيح.
(٣) في "السنن الكبرى" (٧/ ٤٤٠) موقوفًا عليها.
(٤) في "المسند" (٦/ ٣٦٩) و (٦/ ٤٣٨).
(٥) في "الإحسان" (٧/ ٤١٨ رقم ٣١٤٨).
قلت: وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (٣/ ٧٥)، والبيهقي (٧/ ٤٣٨)، والطبراني في "الكبير" (٢٤/ ١٣٩ رقم ٣٦٩).
وأورده الهيثمي في "المجمع" (٣/ ١٧) وقالَ: ورجال أحمد رجال الصحيح.
قلت: وقال الحافظ في "الفتح" (٩/ ٤٨٧): "قال شيخنا في "شرح الترمذي": ظاهره أنه لا يجب الإحداد على المتوفى عنها بعد اليوم الثالث، لأن أسماء بنت عميس كانت زوج جعفر بن أبي طالب بالاتفاق وهي والدة أولاده عبد اللَّهِ، ومحمد، وعون وغيرهم. قالَ: بل ظاهر النهي أن الإحداد لا يجوز، وأجابَ بأن هذا الحديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة، وقد أجمعوا على خلافه … " اهـ.
(٦) في (ب): "فإن".
(٧) في (ب): "تتكامل خلقته".