للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

استأذنَ - صلى الله عليه وسلم - واستأذنتْ له فاطمةُ - رضي الله عنها - فيجتمعُ الحديثانِ. ووقعَ في روايةٍ أنهُ دخلَ بيتَ عائشةَ يومَ الاثنينِ وماتَ يومَ الاثنينِ الذي يليهِ. والحديثُ دليلٌ على أن المرأةَ إذا أذنتْ كانَ مسقطًا لحقِّها منَ النوبةِ وأنها لا تكفي القرعةُ إذا مرضَ كما تكفي إذا سافرَ كما دلَّ لهُ قولُه:

[إقراع المسافر بين نسائه]

٩/ ١٠٠٢ - وَعَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيّتُهُنَ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١). [صحيح]

(وعنْها) أي عائشةَ (قالتْ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادَ سفرًا أَقْرَعَ بينَ نسائِه فَأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سهمُها خرجَ بها معَهُ. متفقٌ عليهِ). وأخرجَهُ ابنُ سعدٍ وزادَ فيهِ عنْها فكانَ إذا خرجَ سهمُ غيري عُرِفَ فيهِ [الكراهة] (٢). دلَّ الحديثُ على القرعةِ بينَ الزوجاتِ لمن أرادَ سفرًا وأرادَ إخراجَ إحداهنَ معهُ، وهذا فعلٌ لا يدلُّ على الوجوبِ، وذهبَ الشافعي إلى وجوبِهِ وذهبتِ الهادويةُ إلى أن له السفرَ بمنْ شاءَ وأنها لا تلزمُه القرعة، قالُوا: لأنهُ لا يجبُ عليهِ القَسْمُ في السفرِ وفعلُه - صلى الله عليه وسلم - إنَّما كانَ منْ مكارِمِ أخلاقِهِ ولطفِ شمائِله وحسنِ معاملتِه؛ فإنْ سافرَ بزوجةٍ فلا يجبُ القضاءُ لغيرِ مَنْ سافرَ بها. وقالَ [أبو حنيفةَ:] (٣) يجبُ القضاءُ سواءً كانَ سفرُه بقرعةٍ أو بغيرِها. وقالَ الشافعي إنْ كانَ بقرعةٍ لم يجبِ القضاءُ، وإنْ كانَ بغيرِها وجبَ عليهِ القضاءُ ولا دليلَ على الوجوبِ مطلقًا ولا مفصلًا. والاستدلالُ بأنَّ القَسْمَ واجبٌ وأنهُ لا يسقطُ الواجبُ بالسفرِ، جوابُه أن السفرَ أسقطَ هذا الواجبَ بدليلِ أن له أنْ يسافرَ ولا يخرجَ منهن أحدًا فإنهُ لا يجبُ عليهِ بعدَ عَوْدِةِ قضاءُ أيامِ سفرِه لهنَّ اتفاقًا، والإقراعُ لا يدلُّ الحديثُ على وجوبهِ لما عرفتَ أنهُ فعلٌ وفي الحديثِ دليلٌ على اعتبارِ القرعةِ بينَ الشركاءِ ونحوِهم. والمشهورُ عن المالكيةِ والحنفية عدمُ اعتبارِ القرعةِ. قالَ القاضي عياضُ: هو مشهورٌ عنْ مالكٍ وأصحابِهِ


(١) البخاري رقم (٢٥٩٣)، ومسلم رقم (٢٧٧٠).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (٢١٣٨)، وابن ماجه رقم (١٩٧٠).
(٢) في (ب): "الكراهية".
(٣) زيادة من (ب).