كما حفظ جملة من أمَّهات الكتب العلمية "المتون" المتداولة آنئذ، منها:"العمدة"، و"الألفية في علوم الحديث" لشيخه الحافظ العراقي، و"الحاوي الصغير"، و"مختصر ابن الحاجب في الأصول"، و"مُلحة الإعراب " ....
كان قد حُبِّب إليه أوَّلًا النظر في التواريخ وهو بعدُ في المكتب، فعلق بذهنه شيءٌ كثير من أحوال الرواة، ثم نظر في فنون الأدب من سنة (٧٩٢ هـ) وتولَّع بالنظم، وقال الشعر، ونظم مقاطيع ومدائح نبوية.
ثم حُبِّب إليه طلب الحديث فابتدأ بذلك منذ سنة (٧٩٣ هـ) لكنه لم يلزم طلبه والتوفر عليه إلا سنة (٧٩٦ هـ) حيث أقبل بكلِّيته على الحديث وعلومه، وعكف على حافظ ذلك العصر زين الدين العراقي، فلازمه عشرة أعوام فتخرَّج به، وقرأ عليه ألفيته وشرحها، ونُكته على ابن الصلاح دراية وتحقيقًا، وقرأ الكثير من الكتب الكبار، والأجزاء القصار أيضًا، وحمل عنه من أماليه جملة نافعة من علم الحديث، سندًا ومتنًا وعللًا واصطلاحًا، كما استملى عليه بعضها.
وارتحل إلى البلاد الشامية والحجازية واليمنية، ونبغ في العلم مبكرًا، حتى أذن له جُلُّ علماء عصره - كالبُلقيني والعراقي - بالإفتاء والتدريس.
درَّس في مراكز علمية كثيرة، من ذلك تدريسه التفسير في المدرسة الحسينية والمنصورية، وتدريسه الحديث في مدارس البيبرسية والزينية والشيخونية وغيرها، وإسماعه الحديث بالمحمودية، وتدريسه الفقه بالمؤيدية وغيرها.
كما ولي مشيخة المدرسة البيبرسية ونظرها، ومدارس أخرى عدَّدها السخاوي في "الضوء اللامع"(١).
[(٥) زهده في القضاء]
صمَّم الحافظ على عدم الدخول في القضاء، حتى إنه لم يوافق صدر الدين المُناوي لما عرض عليه قبل سنة (٨٠٠ هـ) النيابة عنه.
ثم عُرض عليه الاستقلال بالقضاء في أيام الملك المؤيد فمن دونه وهو