للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأحدِهم غَطيطًا، ثمَّ يقومونَ فيصلُّونَ ولا يتوضأونَ"، وحملهُ جماعةٌ منَ العلماءِ على نوم الجالسِ. ودفعَ هذا التأويلُ بأنَّ في رواية عنْ أنسٍ: (يضعونَ جنوبَهم) [رواها] (١) يحيى القطانُ.

قالَ ابنُ دقيقِ العيدِ: يُحملُ على النومِ الخفيفِ. ورُدَّ بأنهُ لا يناسبهُ ذكرُ الغطيطِ والإيقاظِ، فإنهمَا لا يكونانِ إلَّا في نوم مستغرقٍ. وإذا عرفتَ هذَا، فالأحاديثُ قدِ اشتملتْ على خفقةِ الرأسِ، وعلَى الغطيطِ، وعلى الإيقاظِ، وعلى وضعِ الجنوبِ، وكلُّها وصفَتْ بأنَّهمْ كانُوا لا يتوضئونَ منْ ذلك.

[أقوال العلماء في نقض الوضوء بالنوم]

فاختلفَ العلماءُ في ذلكَ على أقوالٍ ثمانيةٍ:

الأولُ: أن النومَ ناقضٌ مطلقًا على كلِّ حالٍ، بدليلِ إطلاقِهِ في حديثِ صفوانَ بن عسالٍ (٢) الذي سلفَ في مسحِ الخفينِ وفيهِ: "منْ بولٍ أو غائطٍ أو نومٍ".

قالُوا: فجعلَ مطلقَ النومِ كالغائطِ والبولِ في النقضِ، وحديثُ أنسٍ (٣) بأيِّ عبارةٍ رُوي ليسَ فيهِ بيانُ أنَّهُ قرَّرهم رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - على ذلكَ، ولا رآهم، فهُوَ فعلُ صحابيٍّ لا يُدرَى كيفَ وقعَ، والحجةُ إنما هي في أفعالهِ، وأقوالهِ، وتقريراتهِ - صلى الله عليه وسلم -.

[القولُ] (٤) الثاني: أنهُ لا ينقضُ مطلقًا؛ لما سلفَ منْ حديثِ أنسٍ (٥) وحكايةِ نومِ الصحابةِ على تلكَ الصفاتِ، ولوْ كانَ ناقضًا لما أقرَّهُم اللَّهُ عليه، ولأوحى إلى رسولِهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي ذلكَ، كما أوحيَ إليهِ في شأنِ نجاسةِ نعلِهِ، وبالأوْلَى صحةُ صلاةِ مَنْ خلفَهُ، ولكنهُ يردُّ عليهمْ حديثُ صفوانَ [بن عسالٍ (٦).

القولُ] (٧) الثالثُ: أن النومَ ناقضٌ كلَّه، إنما يُعْفَى عنْ خَفْقَتَينِ وَلَو توالتَا،


(١) في النسخة (ب): "رواه".
(٢) وهو حديث حسن، تقدم تخريجه رقم (٣/ ٥٥).
(٣) أي: حديث الباب (١/ ٦١)، وهو حديث صحيح.
(٤) زيادة من النسخة (أ).
(٥) أي: حديث الباب (١/ ٦١)، وهو حديث صحيح.
(٦) وهو حديث حسن، تقدم تخريجه رقم (٣/ ٥٥).
(٧) زيادة من النسخة (أ).