للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتكون أُجْرَتُه منْها إذْ وجبتْ بجنايتِها، وقيلَ في بيتِ المالِ كَأُجْرَةِ الجلَّادِ. وأما الرق فإنهُ ذهبَ مالكٌ وأحمدُ وغيرُهما (١) إلى [أن] (٢) لا يُنْفَى قالُوا: لأنَّ نَفْيَهُ عقوبةٌ لمالكِه لمنعهِ نفعَه مُدَّةَ [تغريبه] (٣) وقواعدُ الشرعِ قاضيةٌ أنهُ لا يُعَاقَبَ إلا الجاني ومِنْ ثم سقطَ فرضُ الجهادِ والحجِّ على المملوكِ.

وقالَ الثوريُّ وداودُ (٤): يُنْفَى لعمومِ أدلةِ التغريبِ وبقوله تعالَى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (٥) وينصفُ في حقِّ المملوكِ لعمومِ الآيةِ.

وأما مسافةُ التغريبِ فقالُوا أقلُّها مسافةُ القصرِ لتحصلَ الغربةُ. وغرَّبَ عمرُ منَ المدينةِ إلى الشامِ (٦)، وغرَّبَ عثمانُ إلى مصرَ (٧). ومَنْ كانَ غريبًا لا وطنَ لهُ غُرِّبَ إلى غيرِ البلدِ التي واقعَ فيها المعَصيةَ.

المسالةُ الثانيةُ: في قولِه: "والثيِّبُ بالثيِّبِ"، المرادُ بالثيِّبِ مَنْ قدْ وَطِئَ في نكاحٍ صحيحٍ وهوَ حرٌّ بالغٌ عاقلٌ، والمرأةُ مثلُهُ. وهذا الحكمُ يستوي فيهِ المسلمُ والكافرُ، والحكمُ هوَ ما دلَّ لهُ قولُه جلدُ مائةٍ والرجمُ فإنهُ أفادَ أنهُ يجمعُ للثيِّبِ بينَ الجلدِ والرجمِ وهوَ قولُ عليٍّ عَلَيْه السَّلام كما أخرجَهُ البخاريُّ (٨): "أنهُ جلدَ شراحةَ يومَ الخميسِ ورجمَها يومَ الجمعةِ وقالَ: جلدتُها بكتابِ اللهِ، ورجمتُها بسنةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ".

قالَ الشعبيُّ (٩): قيلَ لعليٍّ عَلَيْه السَّلام جمعتَ بينَ حدَّيْنِ، فأجابَ بما ذكرَ.


(١) "قوانين الأحكام الشرعية" لابن جزي (٣٨٤)، و"المغني" لابن قدامة (١٠/ ١٣٨ رقم ٧١٥٠).
(٢) في (ب): "أنه".
(٣) في (ب): "غربته".
(٤) "موسوعة فقه الثوري" لقلعه جي (٤٧٨ - ٤٧٩)، و"الإمام داود الظاهري" عارف أبو عيد (٦٦٩).
(٥) سورة النساء: الآية ٢٥.
(٦) "موسوعة فقه عمر" لقلعه جي (٤٨٠).
(٧) "موسوعة فقه عثمان" لقلعه جي (١٦٥).
(٨) بنحوه في "صحيحه": عن علي - رضي الله عنه - حين رجم المرأة يوم الجمعة وقال: قد رجمتها بسنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، "فتح الباري" (١٢/ ٦٨١٢)، و"سنن الدارقطني" (٣/ ١٢٣ - ١٢٤ رقم ١٣٦ و ١٣٧ و ١٣٨ و ١٣٩)، والنسائي من "السنن الكبرى" (٤/ ٢٦٩ - ٢٧٠ رقم ٧١٤٠/ ١ و ٧١٤١/ ٢).
(٩) "سنن الدارقطني" (٣/ ١٢٢ - ١٢٣ رقم ١٣٥).