للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالإصغاءِ، وذكرُ اللسانِ بالثناءِ، وذكرُ اليدينِ بالعطاءِ، وذكرُ البدنِ بالوفاءِ، وذكرُ القلبِ بالخوفِ والرجاءِ، وذكرُ الروحِ بالتسليمِ والرضاءِ، ووردَ في الحديثِ ما يدلُّ على أنَّ الذكرَ أفضلُ الأعمالِ جميعِها، وهوَ ما أخرجَهُ الترمذيُّ (١)، وابنُ ماجهْ (٢)، وصحَّحَه الحاكمُ (٣) منْ حديثِ أبي الدرداءِ مرفُوعًا: "ألا أخبِرُكُم بخيرِ أعمالِكم، وأزكَاها عندَ مليككُم، وأرفعِها في درجاتِكم، وخيرٌ لكمْ منْ إنفاقِ الذهبِ والورِقِ، وخيرٌ لكمْ منْ أنْ تلْقَوْا عدوَّكم فتضربُوا أعناقَهم، ويضربُوا أعناقَكُم؟ قالُوا: بلَى، قالَ: ذِكْرُ اللَّهِ". ولا [تعارضُه] (٤) أحاديثُ فضلِ الجهادِ، وأنهُ أفضلُ منَ الذكرِ، لأنَّ المرادَ بالذكرِ الأفضل منَ الجهادِ ذكرُ اللسانِ والقلبِ والتفكرِ في المعنَى، واستحضارِ عظمةِ الله تعالى، فهذَا أفضلُ منَ الجهادِ، والجهادُ أفضلُ منَ الذكرِ باللسانِ فقطْ. قالَ ابنُ العربيِّ: أنه ما مِنْ عملٍ صالحٍ إلا والذكرُ مشترطٌ في تصحيحِهِ، فمنْ لم يذكرِ اللَّهَ عندَ صدقتِهِ، أو صيامِه، [أو صلاته، أو حجه] (٥)، فليس عملُه كاملًا، فصارَ الذكرُ أفضلَ الأعمالَ منْ هذهِ الحيثيةِ، ويشيرُ إليهِ حديثُ: "نيةُ المؤمنِ خيرٌ مِنْ عَمَلِهِ".

يطلب ممن جلس مجلسًا أن يذكر الله

٤/ ١٤٥٦ - وَعَنْهُ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا قَعَدَ قَوْمٌ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، إلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، أخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (٦) وَقَالَ: حَسَنٌ. [حسن]


(١) في "السنن" رقم (٣٣٧٧).
(٢) في "السنن" رقم (٣٧٩٠).
(٣) في "المستدرك" (١/ ٤٩٦).
قلت: وأخرجه أحمد (٦/ ٤٤٦)، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٧٣)، وقال: "رواه أحمد وإسناده حسن"، وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" رقم (٥١٩). والخلاصة: أنَّ الحديث صحيح، والله أعلم.
(٤) في (أ): "يعارضه".
(٥) زيادة من (أ).
(٦) أخرجه الطبراني في "الكبير" (٦/ ١٨٥ - ١٨٦ رقم ٥٩٤٢)، وأبو نعيم في "الحلية" (٣/ ٢٥٥)، وقال أبو نعيم: "هذا حديث غريب من حديث أبي حازم وسهل، لم يكتبه إلا من هذا الوجه". وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١/ ٦١) وقال: "رواه الطبراني في "الكبير"، ورجاله موثقون، إلا حاتم بن عباد بن دينار الجرشي، لم أر من ذكر له ترجمة". =