للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنْ عائشةَ - رضي الله عنها - قالتْ: قلت يا رسولَ اللَّهِ، إنَّ فلانًا قدِمَ له بزٌّ منَ الشامِ فلوْ بعثتَ إليهِ فأخذتَ منه ثوبينِ نسيئةً إلى ميسرة، فبعثَ إليهِ فامتنعَ. أخرجهُ الحاكمُ، والبيهقيُّ، ورجالُه ثِقاتٌ). فيهِ دليلٌ على بيعِ النسيئةِ، وصحةِ التأجيلِ إلى ميسرةٍ، وفيهِ ما كانَ عليهِ - صلى الله عليه وسلم - منْ حسنِ معاملةِ العبادِ، وعدمِ إكراهِهمِ على الشيءِ، وعدمِ الإلحاحِ.

[الانتفاع بالمرهون في مقابلة نفقته]

٥/ ٨١١ - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ"، رَوَاهُ الْبُخَارَيُّ (١). [صحيح]

وهو منْ بابِ الرَّهْنِ، وهوَ لغةً: الاحتباسُ، منْ قولِهم: رَهنَ الشيءَ إذَا دامَ وثَبَتَ. ومنهُ: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (٢). وفي الشرعِ: جعلُ مالٍ وثيقة على دينٍ، ويطلقُ على العينِ المرهونةِ. (وعنْ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الظَّهْرُ يرْكَبُ) بالبناءِ للمفعول، ومثلُه يُشْرَبُ (بنفقتِه إذا كانَ مرهونًا، ولبنُ الدَّرِّ) بفتح الدال المهملةِ، وتشديدِ الراءِ، وهوَ اللّبنُ تسميةً بالمصدرِ، قيلَ: هوَ منْ إضافةِ الشيءِ إلى نفسهِ، وقيلَ منْ إضافةِ الموصوف إلى صفتهِ. (يشربُ بنفقتِه إذا كانَ مرهونًا، وعلى الذي يَرْكَبُ ويشرب النفقةُ. رواهُ البخاريُّ). فاعلُ يركبُ ويشربُ هوَ المرتهنُ بقرينةِ العوضِ، وهوَ الركوبُ، وإنْ كانَ يحتملُ أنهُ الراهنُ إلا أنهُ احتمال بعيدٌ لأنَّ النفقةَ لازمةٌ لهُ، فإنَّ المرهونَ ملْكُه، وقدْ جعلتْ في الحديثِ على الراكبِ والشاربِ، وهوَ غيرُ المالكِ؛ إذ النفقةُ لازمةٌ للمالكِ على كلِّ حالٍ. والحديثُ دليل على أنهُ يستحقُّ المرتهنُ الانتفاعَ بالرهنِ في مقابلةِ نفقتِه. وفي المسألةِ ثلاثةُ أقوالٍ:


(١) في "صحيحه" (٢٥١١، ٢٥١٢).
قلت: وأخرجه أبو داود (٣٥٢٦)، والترمذي (١٢٥٤)، وابن ماجه (٢٤٤٠)، والطحاوي (٤/ ٩٨)، والدارقطني (١٣٤)، والبيهقي (٦/ ٣٨).
(٢) سورة المدثر: الآية ٣٨.